لا بعينه وشكّ في تعيينه ، كما لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين الطاهرين ، فإنّ استصحاب طهارة كلّ منهما يعارض الآخر. والبحث في أنّ مقتضى القاعدة هل هو التساقط أو التخيير أو ترجيح ذا المزيّة على فرض وجودها؟ وقبل الورود في البحث لا بدّ من بيان أنّ الاصول العمليّة ـ ومنها الاستصحاب ـ هل تكون جارية في أطراف العلم الإجمالي أم لا؟ واختلف القوم على ثلاثة أقوال :
الأوّل : ما التزم به الشيخ الأنصاري رحمهالله من عدم جريانها في أطراف العلم الإجمالي ؛ لقصور أدلّتها عن شمولها ؛ للزوم التناقض في مدلول الأدلّة ، فإنّ صدر دليل الاستصحاب ـ أي «لا تنقض اليقين بالشكّ» ـ يدلّ على جريان الاستصحاب في جميع الأطراف ولكن ذيله ـ أي «بل انقضه بيقين آخر» ـ يدلّ على عدم الجريان ، فالاستصحاب لا يكون حجّة هنا وإن لم يستلزم من جريان كلا الاستصحابين مخالفة عمليّة ، كما إذا كانت الحالة السابقة في كلا الإنائين النجاسة ، وعلمنا بطهارة أحدهما لا بعينه ، فلا تلزم مخالفة عمليّة مع التكليف المعلوم بالإجمال من جريان استصحاب النجاسة في كليهما (١).
الثاني : ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله من التفصيل بين ما إذا كان مستلزما للمخالفة العمليّة مع التكليف المعلوم بالإجمال ، وبين ما إذا لم يكن مستلزما لذلك ، ففي جريان استصحاب الطهارة في كلا الإنائين بلحاظ استلزامه للمخالفة مع قوله «اجتنب عن النجس» قائل بالمنع ، بخلاف استصحاب النجاسة في كليهما ؛ لعدم استلزامه للمخالفة العمليّة القطعيّة (٢).
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٨٧٢.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٣٥٦.