إلى الظهور الإطلاقي ممّا لا ريب فيه ، ومع ذلك يكون مقدّما عليه من باب حكومة أصالة الظهور في القرينة على أصالة الظهور في ذي القرينة عند العقلاء ؛ لكونها مفسّرا ومبيّنا لذيها(١).
والإشكال عليه يتوقّف على بيان مقدّمة ، وهي : أنّ مورد جريان الاصول ـ لفظيّة كانت أو عمليّة ، شرعيّة كانت أو عقلائيّة ـ عبارة عن صورة الشكّ ، ولا مجال لجريانها في صورة اليقين بالمراد ، فكما لا مجال للتمسّك بأصالة الطهارة في صورة العلم بطهارة شيء أو العلم بنجاسته ، وكذلك لا مجال للتمسّك بأصالة الظهور في صورة العلم بمراد المتكلّم من قوله : «رأيت أسدا» بأيّ طريق ، وأنّه الحيوان المفترس أو الرجل الشجاع.
إذا عرفت ذلك فنقول : يمكن القول بأنّ كلمة «الأسد» في المثال تكون قرينة على التصرّف في كلمة «يرمي» لا بالعكس ؛ إذ التصرّف في الظهور الإطلاقي أولى وأسهل من التصرّف في الظهور الوضعيّ ، فيكون معناه في الواقع رأيت أسدا يرمي بالمخلب ؛ إذ الأسديّة تلازم الرمي بالمخلب ، فلا دليل لأن تكون كلمة «يرمي» قرينة ، وكلمة «الأسد» ذي القرينة.
إن قلت : علمنا بقرينيّة كلمة «يرمي» بطريق من الطرق.
قلت : إذا كنت عالما بالقرينة فلا مجال للتمسّك بأصالة الظهور ، ولا تصل النوبة إليها ، وحكومة أصالة الظهور في القرينة على أصالة الظهور في ذيها ، فإنّ مورد جريانها صورة الشكّ في مراد المتكلّم ، وبعد إحراز القرينة لا يبقى مجال للشكّ في القرينيّة ، فلا مجال لجريان أصالة الظهور والتمسّك بها حتّى نقول بحكومة أحد الأصلين على الآخر ، وإذا لم تكن القرينيّة محرزة فلا أثر
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٧٢٣ ـ ٧٢٥.