بخلاف المتعارضين في الجملة؟ فلذا لا بدّ من الالتزام بعدم شمول تلك الأخبار للعامّين من وجه بلحاظ قصور البيان واللسان ، وشمولها لهما من حيث المناط بل الأولويّة.
هل المرجّحات جارية في العامّين من وجه أم لا؟
لا يخفى أنّ المرجّحات على أقسام : قسم منها يوجب تقوية صدور الرواية عن المعصوم عليهالسلام مثل : أصدقيّة الراوي وأوثقيّته وأعدليّته ، وقسم منها يوجب تقوية صدور الرواية لبيان الحكم الواقعي ، مثل : مخالفة العامّة ، وقسم منها يوجب تقوية مضمون الرواية ، مثل : موافقة الكتاب والشهرة.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّه على فرض شمول الأخبار العلاجيّة للعامين من وجه لسانا أو مناطا ، فهل يجري فيهما جميع المرجّحات الصدوريّة والجهتيّة والمضمونيّة ، أو يختصّ بخصوص الأخيرتين ولا يجوز الرجوع فيهما إلى المرجّحات الصدوريّة؟
صرّح المحقّق النائيني رحمهالله بالثاني ، واستدل عليه بأنّ التعارض في العامّين من وجه إنّما يكون في بعض مدلولهما وهو مادّة الاجتماع فقط ، ومع هذا الفرض لا وجه للرجوع إلى المرجّحات الصدوريّة ، لأنّه إن اريد من الرجوع إليها طرح ما يكون راويه غير أعدل أو غير أصدق ـ مثلا ـ فهو ممّا لا وجه له ؛ لأنّه لا معارض له في مادة الافتراق ، وإن اريد طرحه في خصوص مادّة الاجتماع فهو غير ممكن ؛ إذ الخبر الواحد لا يقبل التبعيض من حيث الصدور.
ودعوى أنّ الخبر الواحد ينحلّ إلى أخبار متعدّدة حسب تعدّد أفراد الموضوع ـ كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقيّة ـ واضحة الفساد ؛ لأنّ الانحلال في تلك القضايا لا يقتضي تعدّد الرواية ، بل ليس في البين إلّا رواية