والآخر مبعّدا عنه.
فمقتضى القاعدة في الخبرين المتعارضين المتكافئين بناء على الطريقيّة هو التساقط ، وأمّا بناء على السببيّة فلا فائدة في البحث عنه ، لعدم صحّة هذا المبنى رأسا.
مقتضى الأخبار الواردة في المتكافئين من حيث الفتاوى
والشهرة الفتوائيّة المحقّقة ـ بل الإجماع ـ على ما نقل في المتعارضين المتكافئين على عدم التساقط ، والروايات الدالّة عليه مختلفة ، فطائفة منها تدلّ على التخيير ، وطائفة على التوقّف ، ويستفاد من كلام المحقّق النائيني رحمهالله تحقّق طوائف أربع من الروايات في هذا الباب ، بأنّ الطائفة الدالّة على التخيير على قسمين : قسم منها تدلّ على التخيير بنحو الإطلاق ، وقسم منها تدلّ على التخيير في خصوص زمان الحضور. وهكذا الطائفة الدالّة على التوقّف.
وقد ادّعى الشيخ رحمهالله في الرسائل تواتر الروايات الدالّة على التخيير (١). ولكنّها حسبما تتبّعنا في مظانّها ـ التي هي الباب التاسع من كتاب قضاء الوسائل (٢) ، وكذا الباب التاسع من مستدركه (٣) ـ لا تتجاوز عن سبع روايات قاصرة من حيث السند والدلالة ، وقد مرّ بعضها ، وهو روايتا الحميري وعليّ بن مهزيار المتقدّمتان في فصل تعارض العامّ والخاصّ ، وهكذا أخبار التوقّف المذكورة في الباب التاسع من الكتابين ، فإنّها لا تتجاوز عن أربعة ، إلّا أنّ مجموع الطائفتين يوجب رفع اليد عن مقتضى القاعدة ، وهو التساقط ، فإنّا قد
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٧٦٣.
(٢) الوسائل ١٨ : ٧٥ ، كتاب القضاء ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
(٣) المستدرك ١٧ : ٣٠٢ ، كتاب القضاء ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.