التنبيه الرابع : في شمول أخبار التخيير لجميع صور الخبرين المختلفين
لا إشكال في تحقّق الموضوع المأخوذ في أخبار التخيير ـ وهو مجيء الرجلين بحديثين مختلفين ـ فيما إذا كان سند الروايتين مختلفين جميعا في الأخبار مع الواسطة بأن لم يشتركا أصلا حتّى في واحد ، إنّما الإشكال فيما إذا اشتركا في منتهى السلسلة ، سواء اشتركا في غيره أم لا ، كما إذا روى الكليني بإسناده حديثا عن زرارة دالّا على وجوب شيء ، وروى الشيخ بإسناده حديثا عنه أيضا دالّا على حرمة ذلك الشيء ، أو روى الكليني عنه أيضا ذلك الحديث ، فإنّه ربّما يمكن أن يقال بعدم كون هذا المورد مشمولا لأخبار التخيير أصلا ؛ نظرا إلى أنّ المورد هو مجيء الرجلين بحديثين مختلفين ، وهنا كان الجائي بهما شخصا واحدا ، وهو زرارة فقط ، فلا تشمله أدلّة التخيير.
هذا ، ولكنّ الظاهر عدم دخالة مجيء الرجلين بما هما رجلان ، ولذا لو أتى بحديثين غير رجلين بل امرأتان أو رجل وامرأة ، لا شكّ في دخوله في موردها ، مضافا إلى أنّه يستفاد من أدلّة التخيير أنّ الشارع لم يرض برفع اليد عن المتعارضين مع كون القاعدة تقتضي التساقط ، فخلافه يوجب عدم رفع اليد في المقام أيضا ، فلا دخل للرجوليّة والتعدّد في المسألة.
ولو كان الحديث المنقول في الجوامع المتأخّرة مختلفا من حيث النقل عن الجوامع الأوّليّة ، مثل : ما إذا روى الكليني في الكافي حديثا عن كتاب الحسين بن سعيد الأهوازي ، وروى الشيخ في التهذيب ـ مثلا ـ ما يغايره عن ذلك الكتاب أيضا ، فالظاهر أيضا شمول أخبار التخيير له إذا لم يعلم بكون الاختلاف مستندا إلى اختلاف نسخ ذلك الكتاب ؛ لأنّ الظاهر أنّ مثل الكليني والشيخ لم يعتمدا في نقل الحديث على ما هو المنقول في الكتب ،