الرشد ينطبق على الخبر المشهور ، والشاذّ النادر داخل في القسم الثالث ـ أي أمر مشكل وشبهات بين ذلك يردّ حكمه إلى الله والرسول ، وإلّا لا داعي لتثليث الامور ، بل لا وجه له في هذا المقام ، فالشهرة مرجّحة لإحدى الحجّتين على الاخرى ، لا مميّزة الحجّة عن اللاحجّة ، فتكون أوّل المرجّح في الخبرين المتعارضين عبارة عن الشهرة الفتوائيّة.
ولكنّ التعليل المذكور في المقبولة بقوله : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» يوجب الالتزام بكون الشاذّ من مصاديق «بيّن الغيّ» لا من مصاديق «أمر مشكل» ؛ إذ المشهور إن كان لا ريب فيه فلا محالة يكون الشاذّ لا ريب في بطلانه ، فالخبر الموافق لفتوى المشهور لا ريب في صحّته ، والخبر المخالف له لا ريب في بطلانه ، فالتعليل يقتضي أن يكون الشاذّ من مصاديق «بيّن الغيّ» فلا تكون لموافقة الشهرة عنوان المرجّح ، بل تكون لها عنوان مميّز الحجّة ومعيّنها ، كما يستفاد هذا المعنى من كلام استاذنا السيّد الإمام رحمهالله.
والتحقيق : أنّه إذا لاحظنا ثلاثة امور نعلم أنّ حقيقة الأمر خلاف ذلك.
الأمر الأوّل : أنّ التعليل في المقبولة إرشاد إلى الأمر العقلائي والارتكازي ، لا كون المشهور لا ريب فيه تعبّدا ، وبعد مراجعة العقلاء نلتفت إلى أنّ موافقة الشهرة الفتوائيّة لا توجب القطع بموافقة المعصوم والعلم بأنّ الخبر الموافق لها لا ريب فيه واقعا ووجدانا ، بل يتحقّق احتمال الخلاف فيه أيضا.
الأمر الثاني : أنّ تثليث الامور في المقبولة دليل لدخالة التثليث في ما نحن فيه ، والظاهر من كلام الإمام عليهالسلام أنّ الخبر الشاذّ من مصاديق «أمر مشكل يردّ حكمه إلى الله والرسول» لا من مصاديق «بيّن الغيّ» ، ويكشف عن هذا المعنى الاتّكال والتأكيد في تثليث رسول الله صلىاللهعليهوآله على الأمر الثالث :