«وشبهات بين ذلك».
الأمر الثالث : أنّ سؤال السائل بقوله : (فان كان الخبران عنكم مشهورين) دليل على عدم إمكان كون المشهور بمعنى «لا ريب فيه» ؛ إذ لا يمكن تصوّر الخبرين المتعارضين أحدهما مثبت وجوب صلاة الجمعة ـ مثلا ـ والآخر نافيه ، لا ريب في صحّتهما باعتبار كونهما مشهورين.
وهذه الامور تهدينا إلى الالتزام بأنّ «لا ريب فيه» هنا إضافي ، بمعنى أنّ الخبر الموافق لفتوى المشهور إذا لوحظ بالنسبة إلى الخبر الشاذّ لا ريب فيه ، وأمّا من حيث الذات وفي نفسه ففيه ريب ويتحقّق احتمال الخلاف فيه أيضا.
ولازم ذلك الالتزام بكون «بيّن الرشد» على قسمين : أحدهما بيّن الرشد بالذات ، والآخر بيّن الرشد بالإضافة ، ودخول الخبر الموافق للمشهور في القسم الثاني ، وهذا خلاف الظاهر وبعيد عن الأذهان.
ولكن لا بدّ لنا من الالتزام بهذا المعنى بعد ملاحظة ارتباط التعليل بالتثليث والقرائن المذكورة ، وهذا الاستبعاد الجزئي لا يوجب رفع اليد عن المعنى المذكور.
فتكون موافقة الشهرة الفتوائيّة بعنوان المرجّح لإحدى الحجّتين على الاخرى كما لا يخفى.
ويمكن أن يقال : إنّ الشهرة في الفتوى أو المجمع عليه يرتبط بباب القضاء والحكم ، كما أنّ الأعدليّة والأصدقيّة ونحو ذلك مربوطة به ؛ إذ قال عليهالسلام : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأصدقهما في الحديث» ، كذلك الشهرة الفتوائية ؛ إذ قال عليهالسلام : «ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب» ، فكيف يمكن استفادة كونها مرجّحا في باب تعارض الخبرين؟