وهكذا إذا كان بيع الدار الشخصيّة موجبا لمشقّة شديدة أو كسالة زوجته لشدّة علاقتها بالدار ، أو في مثل هبة الأب ثلث ماله لأحد أولاده في حال حياته وسلامته ، لكونه ضررا لسائر أولاده ، مع أنّه لا يتحقّق حقّ الشفعة في هذين الموردين ، ولا إشكال فيهما ، فلا يرتبط قوله : «لا ضرر ولا ضرار» بالشفعة ، وإلّا يلزم التوالي الفاسدة المذكورة.
وأضف إلى ذلك : أنّ لحقّ الشفعة مرحلتين : الاولى : كون بيع الشريك ملكه بيعا جائز الفسخ ، قابل الرجوع برجوع الثمن إلى ملك المشتري والمثمن إلى ملك البائع ، كأنّه لم يقع هناك بيع ولم تتحقّق معاملة أصلا.
الثانية : قيام الشريك مقام المشتري وانتقال ما للبائع إلى ملكه وضميمة نصف الآخر إلى نصفه بإعطاء الثمن للمشتري ، فإن كان لقوله : «لا ضرر ولا ضرار» دخلا بعنوان التعليل في حقّ الشفعة ، يكون مقتضاه إثبات المرحلة الاولى فقط ؛ لارتفاع الضرر بها قطعا ، ولا يقتضي إثبات المرحلة الثانية بقيام الشريك مقام المشتري في هذه المعاملة أصلا.
واختار شيخ الشريعة الأصفهاني رحمهالله طريقا آخر لعدم ارتباط قوله : «لا ضرر ولا ضرار» بمسألة الشفعة ، وقال : إنّه تتحقّق الروايتان بالنسبة إلى قضايا رسول الله صلىاللهعليهوآله أحدهما معروف عند أهل السنة ، والآخر معروف عند الإماميّة.
الاولى : رواية عبادة بن صامت وعنوانها : «قضى رسول الله بين أهل المدينة كذا ، قضى رسول الله بين أهل البادية كذا ، قضى رسول الله لا ضرر ولا ضرار ، قضى رسول الله كذا وكذا» ، وجمع فيها جميع ما قضى به رسول الله صلىاللهعليهوآله ونقل فيها قوله : «لا ضرر ولا ضرار» بعنوان قضيّة مستقلّة ، ونقل قوله «قضى رسول الله بالشفعة بين الشركاء في الأراضي والمساكن» بدون التذيل به ،