ومن الروايات الواردة في تفسير الآية ما عن الصادق عليهالسلام : أنّه قال : «لا ينبغي للرجل أن يطلّق امرأته ثمّ يراجعها وليس له فيها حاجة ثمّ يطلّقها ، فهذا الضرار الذي نهى الله عنه إلّا أن يطلّق ثمّ يراجع وهو ينوي الإمساك» (١).
والمستفاد منها أنّ الإمساك بقصد التحقير وإيجاد النقص الروحي ، ومقدّمة للطلاق الثالث أو التاسع بدون الاحتياج إلى الاستمتاع منها يكون إضرارا بها.
وهكذا في قوله تعالى : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ)(٢) ، وفي تفسيرها اختلاف ، ويقول بعض : إنّه لا يصحّ إيقاع الوالدة موردا للضرر بالنسبة إلى ولدها ، وهكذا الوالد بالنسبة إلى مولود له ، وكأنّه كان عنوانان مستقلّان : أحدهما : لا تضارّ والدة بولدها ، والآخر : لا يضارّ مولود له بولده.
هذا ، ولكن يستفاد من الروايات الواردة في تفسيرها معنى آخر ، منها : ما عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ). فقال : «كانت المراضع ممّا تدفع إحداهنّ الرجل إذا أراد الجماع تقول : لا أدعك إنّي أخاف أن أحبل فأقتل ولدي هذا الذي أرضع ، وكان الرجل تدعوه المرأة ، فيقول : أخاف أن أجامعك فأقتل ولدي فيدعها ولم يجامعها ، فنهى الله عزوجل عن ذلك أن يضارّ الرجل المرأة ، والمرأة الرجل» (٣).
والمراد امتناع الزوج أو الزوجة المرضعة من الجماع للخوف من الحمل الذي يوجب قلّة اللبن الموجب لهلاك الرضيع ، ومعلوم أنّ الضرر الموجود هنا
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٢ : ١٧١ ، الباب ٣٤ من أقسام الطلاق وأحكامه ، الحديث ١.
(٢) البقرة : ٢٣٣.
(٣) وسائل الشيعة ٢٠ : ١٨٩ ، الباب ١٠٢ من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ، الحديث ١.