تعريف الاستصحاب
لقد ذكرت للاستصحاب تعاريف مختلفة لا تخلو من إشكال ، بل إشكالات ، بل يرى في نفس هذه التعاريف نوع من التناقض والتهافت ؛ ولا بدّ لنا قبل الورود في التعريف من بيان موقعيّة الاستصحاب وهل هو أصل أو أمارة؟
في أنّ الاستصحاب أصل أم إمارة :
لا شكّ في طريقيّة خبر الواحد وكاشفيّته وأماريّته ، ولا نتوهّم أن يكون من الاصول العمليّة ، إنّما الكلام في أنّه هل يكون طريقا شرعيّا وأمارة شرعيّة أم لا؟ كما أنّه لا شكّ لنا في كون أصالة الطهارة من الاصول العمليّة ومبيّنة لوظيفة المكلّف حين الشكّ والحيرة ، ولا نتوهّم أماريّته وكونه طريقا إلى الواقع.
ولكن الشكّ في أنّ الاستصحاب أصل من الاصول العمليّة أو أمارة وطريق إلى الواقع أو ينطبق عليه عنوان آخر؟ فلا بدّ لتوضيح ذلك من تحقيق الاحتمالات في المسألة.
الاحتمال الأوّل : أن يكون أصلا عمليّا جعله الشارع وظيفة للشاكّ الذي له يقين بالحالة السابقة ، كما أنّه جعل أصالة الطهارة قاعدة لبيان وظيفة الشاكّ الذي لا علم له بالحالة السابقة ، كذلك الاستصحاب جعل قاعدة لبيان وظيفة الشاكّ بالحالة السابقة ، فلا كاشفيّة له ولا أماريّة أصلا ، وعلى هذا يقع الكلام في أنّه أصل عملي شرعي كأصالة الطهارة وأصالة الحلّيّة ، أم أصل عقلائي؟ بمعنى أنّ العقلاء بما هم عقلاء يبنون على بقاء الحالة السابقة على حالها ، ولعلّ