المكذبين والجاحدين ، ويكل أمرهم إلى الله الذي هو الخبير البصير بعباده ، القادر على مقابلتهم بما يستحقون.
تعليق على جملة
(أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) وتلقينها
وأكثر المفسرين على أن جملة (أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) تعني أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وأن جملة (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) تحتمل أن يكون المقصود بها المنافق أو الذي لم يستجب إلى الدعوة أو الذي اجترح السيئات من المسلمين. وأن جملة (مُقْتَصِدٌ) تعني الذي لا يجتهد اجتهادا كبيرا في الطاعات والأعمال الصالحة ، ويكتفي باليسير منها. وأن جملة (سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) هم أقوياء الإيمان المجتهدون اجتهادا كبيرا في الطاعات والأعمال الصالحة. وقال بعض المفسرين إن الطبقات الثلاث هي نفس ما عنتها آيات سورة الواقعة وهي (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ). وأن المقتصدين هم أصحاب الميمنة ، الذين هم يدخلون الجنة وتكون درجتهم دون درجة السابقين. وأن أصحاب المشأمة هم الكفار (١). وروح الآيات تلهم رجحان قول من قال : إن تعبير (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) يعني المسلمين الذين يجترحون السيئات لأن جملة (الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) تشملهم جميعا كما هو المتبادر. ولقد ذكر (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) في الآية [٣٦] التي تأتي بعد هذه الآيات حيث ينطوي في ذلك قرينة على صحة ما قلناه وضرورة استبعاد (الكافرين) بالنسبة لجملة (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ). وهناك أحاديث يرويها المفسرون مؤيدة لهذا أيضا. منها حديث يرويه الطبري بطرقه عن أبي الدرداء قال «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يذكر هذه الآية فيقول فأما السابق بالخيرات فيدخلها بغير حساب ، وأما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا. وأما الظالم نفسه فيصيبه في ذلك المكان من الغمّ والحزن فذلك قوله حكاية على
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والطبرسي والخازن.