واختصاص الذين اتقوا بالنجاة ذو مغزى كبير سواء في تطمين هذه الفئة وبثّ الاغتباط فيها أم في الحث على التقوى التي هي أبرز مظاهر الإيمان. لأنها تجعل المؤمن مراقبا لله في جميع أعماله وتعصمه من الوقوع في الأمم على ما شرحناه في سياق سورة العلق.
تعليق على جملة
(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها)
لقد تعددت الأحاديث والروايات والتأويلات في كتب التفسير في صدد هذه الجملة.
ففي معنى كلمة (الورود) إنها بمعنى الدخول وإن الضمير في كلمة (واردها) يرجع إلى جهنم. أو إنها بمعنى المرور عليها دون الدخول فيها.
وفي مدى جملة (وَإِنْ مِنْكُمْ) إنها خطاب لجميع الناس أبرارهم وفجارهم. ومؤمنيهم وكافريهم ، وقد استدل القائلون بدخول جميع الناس جهنم بالآية [٧٢] آخر الآيات التي نحن في صددها ، وبأحاديث نبوية عديدة منها حديث رواه الطبري عن حفصة قالت «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية. قالت فقلت يا رسول الله أليس الله يقول (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها). فقال رسول الله أفلم تسمعيه يقول (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا)» وهذا الحديث لم يرد في كتب الصحاح. وهناك أحاديث أخرى يوردها المفسرون من بابه لم ترد كذلك في هذه الكتب. وهناك قولان متناقضان معزوان إلى ابن عباس : واحد مؤيد للقول السابق ، وواحد يفيد أن الخطاب في (منكم) للكفار ومنكري البعث. وأن المؤمنين لا يردون النار. وأورد بعض المفسرين اعتراضا على القول الأول بآية سورة الأنبياء هذه (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) (١٠٢) وأجابوا على الاعتراض بأن القصد يمكن أن يكون ذلك وهم في الجنة أو يمكن أن يكون القصد من ذلك أن