الإنسان على نسيانها ونقضها ، ثم جاءت الآيات التالية مذكرة بقصة آدم الذي لم يثبت على أوامر الله ونسيها بتأثير تلك الوسوسة. وهدف الآيات التعقيبية الاستطرادية هو بيان مصير الناس يوم القيامة نتيجة لاتباعهم لما أنزل الله ووصى به من الهدى وعدم اتباعه ، توكيدا للتحذير التمهيدي وبقصد تنبيه السامعين وإثارة الرهبة والرغبة فيهم.
ووصف مصير المعرض عن ذكر الله بخاصة مفزع رهيب. وقد يكون من حكمة ذلك التشديد في الإنذار والترهيب.
وجملة (فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) (١٢٣) بالنسبة لمن اتبع هدى الله يصحّ أن تكون شاملة المدى للدنيا والآخرة معا وهو ما يتبادر لنا أن الآية قصدت إليه. من حيث إن الذي يتبع هدى الله ويلتزم حدوده يكون له من ذلك ما يضمن له العصمة من الضلال والشفاء فيهما. وفي هذا تطمين رباني قوي وحافز على اتباع هدى الله.
ويتبادر لنا أن جملة (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) جاءت لمقابلة جملة (فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) (١٢٣) وأنها هي الأخرى شاملة المدى مثلها للدنيا والآخرة من حيث إن الذي يعرض عن ذكر الله ودينه الحق يفقد أسباب تلك العصمة ويتعرض لسوء الحياة ونكدها في الدنيا والآخرة معا.
نقول هذا مع القول إن المفسرين يروون عن بعض أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن الجملة تعني عذاب القبر بل رووا أحاديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم في ذلك حيث رووا عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «إن المعيشة الضّنك هي عذاب القبر» وهذا التفسير النبوي لم يرد في كتب الصحاح. ومع ذلك فإن الطبري استدل على صحته بالآية [١٢٧] التي فيها (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) وقال إن المعيشة الضنك لو كانت عذاب الآخرة لما كان لهذه الآية مفهوم ومعنى.
غير أن هذا لا يخل بما تبادر لنا وأوردناه آنفا من الجملة بصورة عامة. والله تعالى أعلم.