تعليق على استعجال الكفار عذاب الله في معرض التحدي
ويبدو من الآيات أن الكفار كانوا يقولون إن النبي صلىاللهعليهوسلم لو كان صادقا لكان نزل عليهم عذاب الله فورا كما كان شأن الأمم السابقة التي كانت تكذب أنبياءها والتي يقص النبي عليهالسلام عليهم قصصها بلسان القرآن. فلما لم ينزل عليهم العذاب أخذوا يتحدونه ويستهزئون بوعيده ، وقد تكرر هذا منهم كما حكته آيات عديدة منها آية سورة الأنفال هذه (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣٢) وآية سورة الإسراء هذه (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (٩٢) وآية سورة الحج هذه (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٤٧) مما ينطوي فيه صور لمواقف الصد والمكابرة والتحدي التي كان يقفها الكفار فكان يثير ذلك في النبي صلىاللهعليهوسلم الألم والحسرة فينزل القرآن بالتسلية والتطمين من جهة وبيان حكمة الله في تأجيل العذاب عنهم من جهة أخرى ؛ مما مرّت أمثلة منه مثل آية سورة فاطر هذه (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) (٤٥) ومثل آية سورة النحل هذه (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٦١).
تعليق على كلمة الأعجمي والأعجمين
وكلمة أعجمي مما كان يطلق على غير العرب قبل الإسلام من دون شك فنزلت في القرآن للدلالة على ذلك ، وهذا يعني أن سكان الدنيا في مفهوم العرب وأذهانهم كانوا فريقين ؛ عربا وعجما ؛ وأن كلمة عرب كانت تشمل كل من كان يتكلم العربية في داخل الجزيرة العربية وخارجها ، وأن هذا الشمول كان مدركا من العرب ، والآيات الثلاث الأولى من الآيات التي نحن بصددها وآيات الأنعام التي أوردناها قبل قليل وغيرها من الآيات التي تقرر عروبة القرآن تنطوي ـ والحال