وفي الآيات تساوق مع المبادئ القرآنية التي تكرر التنبيه عليها في مناسبات عديدة مرّت أمثلة منها. والتي يؤذن الله تعالى فيها بالمغفرة والرحمة لمن ظلم ثم تاب وبدل حسنا بعد سوء. وفي هذا التساوق يبدو التماثل بين ما أوحى الله إلى موسى وإلى محمد عليهماالسلام ، ولعلّ هذا من حكمة ذلك. والله أعلم.
مغزى وصف الله نفسه بربّ العلمين
في آيات هذه القصة
وفي وصف الله تعالى نفسه هنا بوصف (رَبِّ الْعالَمِينَ) وهو يخاطب موسى مغزى مهم يؤكد ويتمم المغزى الذي انطوى في آيات سورة الأعراف [١٠٥ ـ ١٢١] والذي نبهنا عليه في تعليق خاص. ففي الآية [١٠٥] وصف الله تعالى بهذا الوصف بلسان موسى عليهالسلام. وفي الآية [١٢١] وصف بهذا الوصف بلسان بني إسرائيل. وهنا وصف الله عزوجل نفسه به وبذلك انسد باب دعوى بني إسرائيل باختصاص الله بهم انسدادا محكما وتم تكذيبهم فيها بصورة حاسمة وصحح التحريف الذي حرّفوه في أسفارهم (١) على ما نبهنا عليه في التعريف المذكور.
(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧) حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ
__________________
(١) انظر مثلا الإصحاح (٣٤) من سفر الخروج والإصحاحات (١٤ و ٣١) من سفر العدد والإصحاحات (٧ و ٢٠) من سفر التثنية والإصحاح (٤) من سفر عزرا.