الآيات [٤٧ ـ ٤٩] تتضمن تقرير كون الله تعالى إنما أرسل محمدا صلىاللهعليهوسلم لأن قومه لو أصابتهم مصيبة ربانية بسبب ضلالهم وكفرهم لتظلموا وقالوا إننا لا نعرف طريق الحق ولو جاءنا رسول من الله تعالى لاتبعناه وآمنا به ونجونا من المصيبة ، فلما جاءهم الحق من عند الله تعالى على لسان النبي صلىاللهعليهوسلم كابروا وعاندوا وطلبوا أن يأتيهم بما أتى به موسى من قبل ؛ في حين أنهم قد كفروا بالمبادئ التي أتى بها موسى من قبل ، ولما بهتوا بهذه الحجة الدامغة لم يكن منهم إلّا أن اشتدوا في اللجاج وقالوا إن ما جاء به موسى عليهالسلام وما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم سحر يظاهر بعضه بعضا ويماثل بعضه بعضا وإنا كافرون بكل منها. وقد أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بأن يتحداهم إزاء موقفهم المتناقض ومكابرتهم مع قيام الحجة والإلزام وعليهم بأن يأتوا بكتاب من عند الله أهدى مما جاء به هو وموسى عليهالسلام قبله إن كانوا صادقين ، وبأن يعلن استعداده للإيمان به إذا ما جاءوا به.
وقد تضمنت الآية [٥٠] خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم بأنهم إذا لم يستجيبوا إلى التحدي فيكون قد علم أنهم قد أقاموا الدليل على أنهم إنما يتبعون أهواءهم ويلقون بالقول جزافا بغير علم ولا سند ، وإنه ليس من أحد أشد ضلالا ممن يتبع هواه ، ويقول ما يقول بغير علم ولا هدى من الله ، وإن هذا هو شأن الظالمين الباغين الذين لا يستحقون عطف الله وعنايته وتوفيقه ، أو الذين لا يمكن أن يوفقهم الله ويمنحهم عنايته. ثم جاءت الآية [٥١] لتقرر أن الله إنما أنزل القرآن على نبيه ويسّر لهم سماعه وأوصله إليهم فصلا بعد فصل لعلهم يتذكرون فتنفعهم الذكرى ويهتدون.
تعليق على آيات
(وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ) وما بعدها
وقد روى المفسرون في سياق هذه الآيات أن كفار قريش أرسلوا إلى يهود المدينة يسألونهم عن أمر النبي صلىاللهعليهوسلم فأجابوهم بصفته وصدقه وأن ما يتلقاه هو من الله تعالى كما كان شأن نبيهم موسى عليهالسلام. وأن الكفار مع ذلك كابروا وقالوا إن موسى ومحمدا عليهماالسلام ساحران ، وإن ما جاءا به سحر وإنا