خيرا فخير وإن شرا فشر ، وأن الله تعالى سيخرج له كتاب أعماله مفتوحا ويقول له اقرأه وحاسب نفسك على ما فيه واحكم عليها وفاقا له ؛ وأن المهتدي إنما ينفع نفسه باهتدائه وأن الضال إنما يضر نفسه بضلاله ، وأنه لا يحمل أحد تبعة عمل أحد ولا مسؤوليته ، وأن من تمام حكمة الله وعدله ألا يعذب أحدا حتى ينذره بلسان رسول من قبله يعرف بواسطته طريق الهدى وطريق الضلال حتى يكون ما يلقاه من عذاب أو ثواب في الآخرة قد استحقه وناله عدلا وحقّا.
والآيات متصلة بما سبقها اتصال سياق وتعقيب على ما هو المتبادر ، وفيها قرينة مرجحة للتأويل الذي أولنا الآيات السابقة به.
والمتبادر كذلك أنها بالإضافة إلى حقيقة الحساب والثواب والعقاب الأخروية التي يجب الإيمان بها بسبيل تنبيه السامعين إلى أن كل ما يفعلونه في الدنيا محصي عليهم ومحاسبون عليه ؛ وحملهم على اجتناب الكفر والإثم والإقبال على الإيمان بالله والعمل الصالح.
وفي الآية الأخيرة صراحة قطعية بتقرير قابلية الاختيار للإنسان ، وكون ما يلقاه جزاء عمله من نعيم وعذاب هو جزاء على هذا الاختيار وفيها كذلك تقرير لحكمة إرسال الرسل حيث يبينون للناس الحدود التي لا يستطيعون معرفتها بعقولهم واجتهادهم.
ولقد شرحنا موضوع كتب أعمال الناس التي سوف تعلن لهم يوم القيامة في سياق تفسير سورة (ق) فنكتفي بهذه الإشارة.
تعليق على مدى الآية
(مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها
وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)
في كتب التفسير تأويلات وتعليقات حول محتوى هذه الآية :
فأولا : إن بعضهم يفسر كلمة (رسول) بالعقل الإنساني ويوجب على الإنسان