ويبيحونها لفريق ، ويعتبرون ذلك من التقاليد الدينية التي التي أمر الله بها وجرى الأجداد والآباء عليها ، وقد احتوت سورتا المائدة والأنعام آيات عديدة في صدد هذه التقاليد التي سوف نشرحها في سياق تفسير السورتين اللتين إحداهما في هذا الجزء.
(وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦١)) [٦١]
(١) تفيضون فيه : تخوضون وتكثرون الحديث فيه.
(٢) يعزب : يغيب أو يضيع أو يذهب.
(٣) ذرّة : لغة هي واحدة من صغار النمل. وقد تكرر ورودها في القرآن للتعبير عن أخف شيء وزنا.
الضمير في فعلي (تكون) و(تتلو) عائد إلى النبي صلىاللهعليهوسلم على ما قاله المفسرون. أما الضمائر الواردة في الفقرات الأخرى فهي عائدة إلى المخاطبين بالقرآن كما هو ظاهر.
وعلى كل حال فالآية بسبيل تقرير شمول علم الله تعالى وإحاطته بكل شيء : فما من شأن يكون فيه النبي صلىاللهعليهوسلم ، وما من مجلس يتلو فيه قرآنا ، وما من عمل يعمله السامعون ، وما من حديث يخوضون فيه إلا هو مشهود من الله سبحانه وعلمه محيط به ومعلوم له ما فيه من نوايا ومقاصد ، فهو لا يعزب عن علمه وإحاطته شيء في الأرض ولا في السماء ولو كان مثقال الذرة في الضؤولة أو أقل أو أكبر.
والآية معطوفة على ما قبلها وفيها معنى التعقيب على الآيات السابقة لها مباشرة. وفيها إنذار للناس في كل ظرف ومكان ليكون ما يقولون ويعملون مما يرضي الله ولا يسخطه.