آخر جاء فيه : «إنّ جماعات من بني تميم سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم عن أول هذا الأمر ـ أي الكون ـ كيف كان؟ فقال : كان الله قبل كلّ شيء وكان عرشه على الماء ، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كلّ شيء».
وفي الأحاديث ترديد لما احتوته الآية كما هو ظاهر. وما جاء في الثاني في صدد اللوح المحفوظ قد ذكرناه وعلقنا عليه في سياق سورة البروج بما يغني عن التكرار.
تعليق على جملة
(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)
المتبادر أن في الجملة استطرادا هدف إلى تقرير حكمة الله في خلق الناس وهي اختبارهم في أعمالهم وإظهار من هو الأحسن عملا فيهم ، وينطوي في هذا تقرير قابلية الناس للسير الحر والإرادة الحرة والاختيار بين الهدى والضلال والخير والشر ليكونوا قد استحقوا جزاء الله العادل على اختيارهم ، وفي هذا أولا تذكير تنويهي بما اقتضته حكمة الله من تمييز الإنسان على سائر خلقه وثانيا إيقاظ لضمير الإنسان وجعله رقيبا على صاحبه وحفزه إلى الهدى والخير دون الضلال والشر ، وقد تكرر هذا أكثر من مرة لما له من أثر وخطورة في أعمال البشر وواقع حياتهم ، وقد انتهت السورة السابقة بتقرير ذلك أيضا على ما شرحناه.
ومما يتبادر من هذا التكرار أن حكمة التنزيل بالإضافة إلى حكمة الله تعالى في جعل يوم آخر يبعث فيه الناس ليجزوا على أعمالهم في الدنيا قد قصدت تنبيه الإنسان إلى أنه وقد وجد في الحياة مكلف بالاندماج فيها دون تساؤل لا طائل من ورائه. ومكلف بعمل أحسن العمل في حياته أي كل ما فيه الخير والبر والعدل والحق. وإلى أنه بذلك فقط يكون قد حقق حكمة الله في خلقه ووجوده وتمييزه عن سائر الخلق وأدرك معنى هذه الحكمة. وتسامى عن بقية المخلوقات الحية التي لم تشأ هذه الحكمة أن يتكامل فيها العقل وتكون موضع تكليف وخطاب إلى ما يتساوق مع المرتبة التي شاءت هذه الحكمة أن يكون فيها. وقد يكون مما انطوى