للعبرة والتذكير. ومن هذه القرى والأمم ما هو باق يرى الناس آثار تدمير الله فيه ومنها ما زال.
٢ ـ وأن الله لم يظلم تلك القرى والأمم وإنما ظلموا أنفسهم بانحرافهم وبغيهم ، ولم تكن آلهتهم التي كانوا يدعونها من دون الله لتنفعهم شيئا حينما حق عليهم عذاب الله تعالى ، ولم تزدهم إلّا خسارا.
٣ ـ وأن الله إذا أخذ القرى والأمم وهي ظالمة باغية فيكون أخذه لها شديدا أليما.
٤ ـ وأن في ذلك نذيرا للناس من شأنه أن يحملهم على الارعواء ويدعوهم إلى التفكير وبخاصة من يحسب حساب الآخرة منهم ويومها الرهيب الهائل الحافل بالأحداث الجسام والمجموع له جميع الناس ، والذي إنما يؤخره الله تعالى بمقتضى حكمته لأجل محدود قصير. وإذا كان أخذ الله في الدنيا للظالمين يثير خوفا ورعبا فعذابه في الآخرة يجب أن يكون أشد إثارة لهما لأن الأول يأتي ثم ينقضي ولكن الآخر طويل المدى.
والإنذار في الآيات قوي موجه للعقول والقلوب معا وقد استهدف كما هو المتبادر إثارة الرعب والارعواء في قلوب الكفار وزعمائهم. ولعل في جملة (وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) (١٠٤) إنذارا بأن الفرصة أمامهم سانحة ولكنها قصيرة فعليهم أن لا يضيعوها.
تعليق على جملة (وَهِيَ ظالِمَةٌ)
وجملة (وَهِيَ ظالِمَةٌ) [١٠٢] تنطوي على معنى أوسع وأشد من جملة (وهي كافرة) كما هو المتبادر فالظلم يشمل الشرك والكفر ويشمل في الوقت نفسه الإجرام والبغي والعدوان على الناس والفساد والتكبر في الأرض. ويتبادر لنا أن هذا هو مقصود الجملة القرآنية وليس الكفر وحده. وفي آية آتية ما يمكن أن يؤيد ذلك.
ولقد أورد الطبري في سياق الآية الثانية حديثا بطرقه رواه الشيخان والترمذي