ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «... ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
فلا يمكن أن يتصور انضباط الناس دون إمام يسوسهم. وخلو أى مجتمع من إمام يدير شئونهم يعنى ضرورة انتشار الفوضى والتعدى على الأعراض والأنفس والأموال فى ذلك المجتمع. وكذا تفاقم الفتن.
والإمام أحمد يصور لنا هذا الوضع بقوله فى رسالة محمد بن عوف الطائى : والفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس (١).
وخلاصة القول : إن نصب الإمام وراءه من الفوائد ما لا يعد ولا يحصى فى جميع النواحي. ومن أهم تلك الفوائد وأعظمها على الإطلاق إقامة شرع الله عزوجل وأمره فى هذه الحياة. قال جل شأنه : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٢).
والإمامة تنعقد بالاختيار أو الاستخلاف وهما طريقان شرعيان متفق عليهما وقد تنعقد الإمامة عن طريق القهر والغلبة وهذه الطريقة وإن كانت دون الأولى إلا أن الإمامة تنعقد بها على الأصح وهو ما ذهب إليه أهل السنة. وفى بعض الروايات عن الإمام أحمد ما يدل على ذلك. ففى رسالة عبدوس بن مالك قال : «والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين : البر والفاجر ممن ولى الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ، ومن خرج عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمى أمير المؤمنين» وفى موضع آخر قال : «ومن خرج على إمام من الأئمة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه ، وأقروا له بالخلافة ، بأى وجه كان بالرضا والغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين (٣).
__________________
(١) السنة للخلال (ق : ١ / ب) ونقلها أبو يعلى بن الفراء فى الأحكام السلطانية ص : ١٩.
(٢) سورة الحج / ٤١.
(٣) ط / الحنابلة ١ / ٢٤٤.