والثانى : التبرك بالأشخاص أنفسهم أو من يسمون بالصالحين أو بآثارهم.
أما الشق الأول : فإنه أثر عن بعض الصحابة التبرك برسول الله صلىاللهعليهوسلم فى حياته.
والشق الثانى : مرتبط بالشق الأول فإذا كان بعض أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد تبرك به عليه الصلاة والسلام إما بعرقه مثلا أو سؤر وضوئه ، فهذا لا يعنى بحال جواز ذلك على إطلاقه فى غير رسول الله صلىاللهعليهوسلم. لذلك نرى أن الإمام أحمد أنكر وبشدة على ذلك الرجل الّذي تمسح به.
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله (ت ١٢٣٣ ه) : ذكر بعض المتأخرين أن التبرك بآثار الصالحين مستحب كشرب سؤرهم والتمسح بهم أو بثيابهم ، وحمل المولود إلى أحد منهم ليحنكه بتمرة حتى يكون أول ما يدخل جوفه ريق الصالحين والتبرك بعرقهم ونحو ذلك ، وقد أكثر من ذلك أبو زكريا النووى فى شرح مسلم فى الأحاديث التى فيها أن الصحابة فعلوا شيئا من ذلك مع النبي صلىاللهعليهوسلم (١) وظن أن بقية الصالحين فى ذلك كالنبى صلىاللهعليهوسلم.
وهذا خطأ صريح لوجوه :
منها : عدم المقاربة فضلا عن المساواة للنبى صلىاللهعليهوسلم فى الفضل والبركة.
ومنها : عدم تحقق الصلاح ، فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب وهذا أمر لا يمكن الاطلاع عليه إلا بنص ، كالصحابة الذين أثنى الله عليهم ورسوله أو أئمة التابعين ، ومن شهر بصلاح ودين كالأئمة الأربعة ونحوهم من الذين تشهد لهم الأمة بالصلاح وقد عدم أولئك ، أما غيرهم فغاية الأمر أن نظن أنهم صالحون فنرجو لهم.
__________________
(١) انظر شرح مسلم ١٥ / ٨٦ ـ ٨٧.