قلت : أحاديث الإسراء والمعراج رويت فى الصحيحين عن عدد من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وما ذكره القاضى عياض رحمهالله عن رواية شريك بينه العلماء وأوضحوا مواضع وهمه ومنها : قوله : «قبل أن يوحى إليه» (١).
قال ابن حجر : أنكرها الخطابى وابن حزم وعبد الحق والقاضى عياض (٢). اه
قال القاضى عياض : وهو غلط لم يوافق عليه فإن الإسراء أقل ما قيل فيه أنه كان بعد مبعثه صلىاللهعليهوسلم بخمسة عشر شهرا وقال الحربى : كان ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة. وقال الزهرى : كان ذلك بعد مبعثه صلىاللهعليهوسلم بخمس سنين. وقال ابن إسحاق : أسرى به وقد فشا الإسلام بمكة والقبائل. وأشبه هذه الأقوال قول الزهرى وابن إسحاق إذ لم يختلفوا أن خديجة رضى الله عنها صلت معه صلىاللهعليهوسلم بعد فرض الصلاة عليه ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة بمدة قيل : بثلاث سنين ، وقيل : بخمس.
ومنها أن العلماء مجمعون على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون هذا قبل أن يوحى إليه؟
قال القاضى عياض أيضا : وأما قوله فى رواية شريك وهو نائم وفى الرواية الأخرى : «بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان» (٣) فقد يحتج به من يجعلها رؤيا نوم ولا حجة فيه إذ قد يكون ذلك حالة أول وصول الملك إليه وليس فى الحديث ما يدل على كونه نائما فى القصة كلها.
__________________
(١) الرواية فى فتح البارى ١٣ / ٤٧٨ ولم يخرجها مسلم بل ساق سندها فقط وقال : قدم فيه شيئا وأخر وزاد ونقص.
(٢) فتح البارى ١٣ / ٤٨٠.
(٣) يشير إلى رواية قتادة ، عن أنس ، عن مالك بن صعصعة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أخرجها البخارى ـ فتح البارى ٧ / ٢٠١ ـ ومسلم ١ / ١٤٩ ـ ١٥٠.