ولكن المظهرون للإسلام قسمان : إما مؤمن ، وإما منافق ، فمن علم نفاقه لم تجز الصلاة عليه والاستغفار له ، ومن لم يعلم ذلك منه صلى عليه ، فإذا علم شخص نفاق شخص لم يصل عليه هو ، وصلى عليه من لم يعلم نفاقه وكان عمر رضى الله عنه لا يصلى على من لم يصل عليه حذيفة ، لأنه كان فى غزوة تبوك قد عرف المنافقين ، وقد نهى الله سبحانه وتعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة على المنافقين ، وأخبر أن لا يغفر لهم باستغفاره ، وعلل ذلك بكفرهم بالله ورسوله ، فمن كان مؤمنا بالله ورسوله لم ينه عن الصلاة عليه ، ولو كان له من الذنوب الاعتقادية البدعية أو العلمية أو الفجورية ما له ، بل قد أمره الله تعالى بالاستغفار للمؤمنين فقال تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) (١) فأمره سبحانه بالتوحيد والاستغفار لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات ، فالتوحيد أصل الدين ، والاستغفار له وللمؤمنين كماله ، فالدعاء لهم بالمغفرة والرحمة وسائر الخيرات ، إما واجب وإما مستحب ، وهو على نوعين : عام وخاص ، أما العام فظاهر ، كما فى هذه الآية ، وأما الدعاء الخاص ، فالصلاة على الميت ، فما من مؤمن يموت إلا وقد أمر المؤمنين أن يصلوا عليه صلاة الجنازة ، وهم مأمورون فى صلاتهم عليه أن يدعوا له ، كما روى أبو داود (٢) ، وابن ماجة (٣) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء» (٤). اه
قلت : وما سبق تقريره عن الإمام أحمد هو فى الصلاة على جنائز الفساق من هذه الأمة وهو كما أسلفت أمر متفق عليه.
أما المبتدعة فقد نقل ابن قدامة عن أحمد قوله : لا أشهد الجهمية ولا
__________________
(١) سورة محمد / ١٩.
(٢) سنن أبى داود ٣ / ٥٣٨.
(٣) سنن ابن ماجة ١ / ٤٨٠.
(٤) شرح العقيدة الطحاوية ص : ٤٢٥ ـ ٤٢٦.