ثم سمعته يقول : «إن أمر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا».
وروى البخارى (١) ومسلم (٢) عن عبادة بن الصامت قال : دعانا النبي صلىاللهعليهوسلم فبايعناه. فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة فى منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله. قال : «إلا أن تروا كفرا بواحا (٣) عندكم من الله فيه برهان».
وروى البخارى (٤) ومسلم (٥) عن عبد الله بن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».
من هنا يتضح لنا أن طاعة ولاة الأمر ليست على إطلاقها ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٦).
يقول الطيبى : أعاد الفعل فى قوله : (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) إشارة إلى استقلال الرسول بالطاعة ولم يعده فى أولى الأمر إشارة إلى أن يوجد فيهم من لا تجب طاعته. ثم بين ذلك بقوله : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) كأنه قيل :
__________________
(١) فى الصحيح ١٣ / ٥.
(٢) فى الصحيح ٣ / ١٤٧٠.
(٣) قال الخطابى : معنى قوله «بواحا» يريد ظاهرا باديا من قولهم : باح الشيء يبوح به بوحا وبواحا إذا أذاعه وأظهره. فتح البارى ١٣ / ٨.
(٤) فى الصحيح ١٣ / ٢١.
(٥) فى الصحيح ٣ / ١٤٦٩.
(٦) سورة النساء / ٥٩.