لا تحرم وفيه نظر ، وكأنه أخذه من كونه صلىاللهعليهوسلم لم ينه عمة جابر لما ناحت عليه فدل على أن النياحة إنما تحرم إذا انضاف إليها فعل من ضرب خد أو شق جيب ، وفيه نظر ، لأنه صلىاللهعليهوسلم إنما نهى عن النياحة بعد هذه القصة لأنها كانت بأحد ، وقد قال فى أحد : «لكن حمزة لا بواكى له» ثم نهى عن ذلك وتوعد عليه ، وذلك بين فيما أخرجه أحمد (١) وابن ماجة (٢) وصححه الحاكم (٣) من طريق أسامة بن زيد ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مر بنساء بنى عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد فقال : «لكن حمزة لا بواكى له» ، فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة فاستيقظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «ويحهن ، ما انقلبن بعد ، مروهن فلينقلبن ، ولا يبكين على هالك بعد اليوم (٤)».
قلت : ولعل ابن قدامة يشير إلى رواية حرب التى تقدمت وإن كان يقصدها ـ وهو الغالب ـ فليس فيها ما يدل على الإباحة بل الروايات كما أسلفت تدل على التحريم ففى إحداها قال : هو من فعل الجاهلية وفى الأخرى أخذ بحديث أم عطية. قالت : لما نزلت هذه الآية : (يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً ... وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) قالت : كان منه النياحة (٥).
وفى أخرى قال : ينهاهم والمباح لا ينهى عنه. وعند ما سئل عن الجنائز التى تتبعها النوائح قال : تتبع واستشهد بقول الحسن : لا ندع حقا لباطل.
والباطل لا يكون مباحا. والله تعالى أعلم.
قال المرداوى : يحرم عليه أن يتبعها ومعها منكر عاجز عن منعه على الصحيح من المذهب نص عليه. نحو طبل أو نوح أو لطم نسوة وتصفيق ورفع
__________________
(١) فى المسند ٢ / ٤٠ ، ٨٤ ، ٩٢.
(٢) فى السنن ١ / ٥٠٧.
(٣) فى المستدرك ٣ / ١٩٥.
(٤) فتح البارى ٣ / ١٦١.
(٥) رواه مسلم فى الصحيح ٢ / ٦٤٦.