وروى عن ثمامة بن شفى قال : كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم فتوفى صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوى ثم قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمر بتسويتها (١).
والّذي يظهر من كلام أحمد ـ والله أعلم ـ تحريم الزيادة على القبر إلا بالقدر الّذي يعرف أنه قبر حتى يصان عن المشى عليه ونحوه (٢).
ومن باب أولى تحريم البناء عليها واتخاذ القباب والمشاهد ، وهذا هو الظاهر من الأحاديث.
وقد حمل البعض رواية أبى داود ـ المتقدمة عن أحمد ـ على الكراهة فقط (٣).
قلت : أما التجصيص والكتابة فقد اختلف فيهما فمن قائل بالتحريم وقائل بالكراهة (٤). وكذا زيادة التراب ـ إن لم يكن له حاجة (٥) ـ وأما البناء عليها بوضع القباب ونحوه مما هو مشاهد فى بقاع كثيرة فلا شك فى أن ذلك محرم ، وقد كان هذا الفعل سببا فى وقوع الشرك. إذ إن هذه المشاهد أصبحت تقصد وتشد الرحال إليها ويطلب من المقبورين فيها قضاء الحوائج وتحقيق المطالب ، ويقع عندها من الشرك والمنكرات ما لا يشك معه عاقل من وجوب اقتلاع تلك الأبنية والمشاهد الوثنية ، والله تعالى نسأل أن يبصر المسلمين بأمور دينهم وأن يريهم الحق حقا ويرزقهم اتباعه ويريهم الباطل باطلا ويرزقهم اجتنابه (٦).
__________________
(١) رواه مسلم ٢ / ٦٦٦.
(٢) وقد ورد أنه صلىاللهعليهوسلم رفع قبر جابر نحوا من شبر. السنن الكبرى للبيهقى ٣ / ٤١٠.
(٣) انظر : الإنصاف للمرداوى ٢ / ٥٤٨.
(٤) قال صالح بن أحمد : سألت أبى عن تطيين القبور وتجصيصها قال : أما التجصيص فمكروه والتطيين أسهل. مسائل صالح ص : ٤٧.
(٥) راجع : الإنصاف ٢ / ٥٤٨ ـ ٥٤٩ ، والمغنى لابن قدامة ٢ / ٥٠٧ ، والمجموع للنووى ٥ / ٢٩٦ ـ ٢٩٨.
(٦) راجع : شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكانى ، وتيسير العزيز الحميد ص : ٣١٩ ـ ٣٤٧.