هذا هو الهدى النبوى.
أعود إلى الخلاف فى المسألة وأقول : إن شارح الطحاوية قد لخصه إذ يقول : «اختلف العلماء فى قراءة القرآن عند القبور على ثلاثة أقوال : هل تكره ، أم لا بأس بها وقت الدفن ، وتكره بعده؟ فمن قال بكراهتها كأبي حنيفة ومالك وأحمد فى رواية ـ قالوا : لأنه محدث لم ترد به السنة والقراءة تشبه الصلاة والصلاة عند القبور منهى عنها فكذلك القراءة ، ومن قال : لا بأس بها كمحمد ابن الحسن وأحمد فى رواية استدلوا بما نقل عن ابن عمر رضى الله عنهما : أنه أوصى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة البقرة وخواتمها ، ونقل أيضا عن بعض المهاجرين قراءة سورة البقرة ، ومن قال : لا بأس بها وقت الدفن فقط وهو رواية عن أحمد أخذ بما نقل عن ابن عمر وبعض المهاجرين ، وأما بعد ذلك كالذين يتناوبون القبر للقراءة عنده فهذا مكروه فإنه لم تأت به السنة ولم ينقل عن أحد من السلف مثل ذلك أصلا ...» (١).
وقال ابن تيمية : فيها ثلاث روايات عن أحمد ... والثانية : أن ذلك مكروه وهذه الرواية هى التى رواها أكثر أصحابه عنه وعليها قدماء أصحابه الذين صحبوه كعبد الوهاب الوراق وأبى بكر المروزي ونحو هما ، وهى مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وهشيم بن بشير وغير هم ولا يحفظ عن الشافعى نفسه فى هذه المسألة كلام لأن ذلك عنده بدعة.
وقال مالك : ما علمت أحدا يفعل ذلك (٢). اه
قال أبو يعلى بن الفراء : قال أبو بكر ـ يعنى الخلال ـ نقل أبو بكر المروزي وأبو داود ومنها وحنبل وأبو طالب وابن بدينا وإسحاق بن إبراهيم وغيرهم : أن القراءة لا تجوز عند القبر. وبعضهم يروى أنها بدعة. وعلى هذا كان مذهبه ، ورجع أبو عبد الله رجوعا أبان عن نفسه فقال : يقرأ ، وقال
__________________
(١) شرح العقيدة الطحاوية ص : ٥١٨.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم ص : ٣٨٠.