وإلى هذه الآيات والأحاديث ذهب «أهل السنة والجماعة» فأثبتوا عذاب القبر وأقروا به وهو من جملة عقيدتهم التى يدينون لله عزوجل بها ، وعندهم أن النعيم أو العذاب يقع على البدن والروح معا.
يقول شارح الطحاوية : وليس السؤال فى القبر للروح وحدها كما قال ابن حزم وغيره وأفسد منه قول من قال : إنه للبدن بلا روح والأحاديث الصحيحة ترد القولين. وكذلك عذاب القبر يكون للنفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة تنعم النفس وتعذب مفردة عن البدن ومتصلة به (١). اه
والنعيم والعذاب حاصل سواء قبر الميت أو لم يقبر ، ولكن لما كان الغالب على الموتى أنهم يقبرون كان ألصق فى التسمية».
يقول شارح الطحاوية : «واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قبر أو لم يقبر أكلته السباع أو احترق حتى صار رمادا ونسف فى الهواء أو صلب أو غرق فى البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور» (٢).
وقد اختلف هل السؤال فى القبر خاص بمن يدعى الإيمان محقا كان أم مبطلا كالمنافق أم أنه يشمل الكافر.
والصواب ـ والله أعلم ـ أن السؤال يشمل الجميع ففى حديث أنس فى عذاب القبر ، قال عليه الصلاة والسلام : «وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول فى هذا الرجل» ...
وفى رواية له : «وأما الكافر أو المنافق» وفى رواية أبى داود من حديث أبى هريرة : «وإن الكافر إذا وضع» وفى رواية أحمد من حديث أبى سعيد : «وإن كان كافرا أو منافقا» وفى رواية عن أسماء : «فإن كان فاجرا أو كافرا» وفى رواية أخرى لها فى الصحيحين : «وأما المنافق أو المرتاب» ...
__________________
(١) شرح العقيدة الطحاوية ص : ٤٥١.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية ص : ٤٥١.