قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها».
وفى رواية لأحمد (١) زاد : «فإن فى زيارتها عظة وعبرة» وفى أخرى (٢) «ولا تقولوا هجرا» وهذه الزيادات عند غيره أيضا.
قال ابن الأثير : «الهجر : الفحش. يقال أهجر فى منطقه يهجر إهجارا إذا أفحش وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغى» (٣).
قلت : ومن هنا يتضح لنا بطلان ما يفعله بعض الجهلة من الصياح ورفع الأصوات عند المقابر فهذا كله مخالف للزيارة المشروعة ، أما ما يفعله البعض من الاستغاثة بأصحاب القبور والتضرع إليهم ودعائهم فهذا شرك.
فزيارة الرجال للقبور إن لم يتخللها محظور وكانت على الوجه المأثور عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهى مشروعة. وإن كان البعض قد كرهها فلعله لم تبلغه الأحاديث التى نسخت النهى لأن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن زيارتها فى بادئ الأمر (٤).
قال ابن قدامة : قال على بن سعيد : سألت أحمد عن زيارة القبور تركها أفضل عندك أو زيارتها؟ قال : زيارتها وقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «كنت نهيتكم ...» الحديث (٥).
هذا بالنسبة للرجال وأما زيارة النساء للقبور فقد اختلف فيها :
يقول النووى : فيها خلاف للعلماء وهى ثلاثة أوجه لأصحابنا أحدها : تحريمها عليهن لحديث : «لعن الله زوارات القبور» والثانى : يكره ، والثالث : يباح ويستدل له بهذا الحديث ـ يقصد حديث عائشة (٦) ـ وبحديث «كنت نهيتكم
__________________
(١) فى المسند ٥ / ٣٥.
(٢) فى المسند ٥ / ٣٦١.
(٣) النهاية ٥ / ٢٤٥.
(٤) انظر : فتح البارى ٣ / ١٤٨.
(٥) المغنى ٢ / ٥٦٥ ـ ٥٦٦.
(٦) وفيه : قالت : قلت : كيف أقول لهم يا رسول الله : قال «قولى السلام على أهل الديار ...» الحديث ..