قلت : ومن أقوى أدلة المانعين حديث لعن زوارات القبور وقد أجيب عنه بأنه منسوخ وهذا يحتاج إلى دليل قطعى.
وقد أجيب بجواب آخر ذكره ابن حجر عن القرطبى : «هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصفة من المبالغة ، ولعل السبب ما يفضى إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك فقد يقال : إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء» (١). اه
يقول ابن قدامة : والنهى المنسوخ كان عاما للرجال والنساء ويحتمل أنه كان خاصا للرجال ، ويحتمل أيضا كون الخبر فى لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها فقد دار بين الحظر والإباحة ، فأقل أحواله الكراهة ، ولأن المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع ، وفى زيارتها للقبر تهييج لحزنها وتجديد لذكر مصابها ولا يؤمن أن يفضى بها ذلك إلى فعل ما لا يجوز بخلاف الرجل. ولهذا اختصصن بالنوح والتعديد وخصصن بالنهى عن الحلق والصلق ونحوهما (٢). اه
قلت : وكلام أحمد بمجموعه يدل على المنع. والله أعلم.
__________________
(١) نفس المصدر ٣ / ١٤٩.
(٢) المغنى ٢ / ٥٧٠.