التعليق :
الكلام على هذه المسألة مبنى على ما ذهب إليه أهل السنة من أن الروح محدثة مخلوقة وهو ما دل عليه السمع والعقل خلافا لمن قال : بأنها قديمة (١).
وكذا مبنى على ما ذهبوا إليه أيضا من أن الروح لا تفنى بعد خروجها من الجسد عند الموت (٢).
وعلى هذا القول الصحيح اختلف في مستقر الأرواح وتعددت الأقوال وإن كان كثير منها لا يمكن الاعتماد عليه لأنه لا يمكن القطع بقول ما لم يكن مستندا إلى دليل صحيح صريح ، وقد لخص لنا شارح الطحاوية الأقوال في المسألة (٣). ولعل أصحها ما ذهب إليه أبو هريرة وعبد الله بن عمر أن أرواح المؤمنين عند الله تعالى فى الجنة شهداء كانوا أم غير شهداء إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة ولا دين وتلقاهم ربهم بالعفو عنهم.
فقد روى مالك (٤) بإسناد صحيح عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنما نسمة المؤمن طير يعلق فى شجر الجنة حتى يرجعه الله تعالى إلى جسده يوم يبعثه». والنسمة : الروح (٥).
فهذا القول مسند بحديث صحيح. وهو ما ذهب إليه الإمام أحمد. والله تعالى أعلم (٦).
__________________
(١) راجع شرح العقيدة الطحاوية ص : ٤٤١ ـ ٤٤٢.
(٢) راجع المصدر السابق ص : ٤٤٦.
(٣) راجع المصدر السابق ص : ٤٥٣ ـ ٤٥٤.
(٤) فى الموطأ ١ / ٢٣٨.
(٥) انظر : النهاية ٥ / ٤٩.
(٦) لمزيد من المعرفة حول هذه المسألة راجع كتاب الروح لابن القيم ص : ١٢٥ ـ ١٢٩ ومسلم بشرح النووى ١٣ / ٣١ ـ ٣٢.