قلت : وهذا الّذي ذكره شارح الطحاوية هو الراجح ـ والله أعلم ـ خلافا لمن قال : إن المراد بالورود الدخول الحقيقى لجهنم وإن أذاها وحرها يصرف عن المؤمنين.
قال شارح الطحاوية ـ بعد ذكره للحديث السابق ـ أشار صلىاللهعليهوسلم إلى أن ورود النار لا يستلزم دخولها ، وأن النجاة من الشر لا تستلزم حصوله بل تستلزم انعقاد سببه ، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ولم يتمكنوا منه يقال : نجاه الله منهم ، ولهذا قال تعالى : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً) (١) (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً) (٢) (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً) (٣) ولم يكن العذاب أصابهم ولكن أصاب غيرهم ، ولو لا ما خصهم الله به من أسباب النجاة لأصابهم ما أصاب أولئك وكذلك حال الوارد فى النار. يمرون فوقها على الصراط ... فقد بين صلىاللهعليهوسلم فى حديث جابر المذكور : أن الورود هو الورود على الصراط (٤). اه
قلت : وقيل : إن المراد بالورود : حضورها والقرب منها (٥).
قال الشوكانى : وقد توقف كثير من العلماء عن تحقيق هذا الورود وحمله على ظاهره لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (٦) ... ولا يخفى أن القول بأن الورود هو المرور على الصراط ... فيه جمع بين الأدلة من الكتاب والسنة فينبغى حمل الآية على ذلك (٧) ... هذا ما قيل حول الصراط فى القرآن الكريم ، أما السنة فقد ذكر فيها الصراط موصوفا بصفات عديدة من ذلك :
__________________
(١) سورة هود / ٥٨.
(٢) سورة هود / ٦٦.
(٣) سورة هود / ٩٥.
(٤) شرح العقيدة الطحاوية ص : ٤٧١.
(٥) انظر : أقوال أخرى فى التذكرة للقرطبى ص : ٤٠١.
(٦) سورة الأنبياء / ١٠١.
(٧) فتح القدير ٣ / ٣٤٤ ، وانظر : تفسير ابن كثير ٣ / ١٤٠ ـ ١٤٢ ، ومسلم بشرح النووى ١٦ / ٥٨.