من ذلك قولهم : إن الرؤية توجب كون المرئى محدثا وحالا فى مكان قال ابن بطال بعد ذكره لهذا الادعاء : والرؤية فى تعلقها بالمرئى بمنزلة العلم فى تعلقه بالمعلوم فإذا كان تعلق العلم بالمعلوم لا يوجب حدوثه فكذلك المرئى (١). اه
وعند ما أقول إنها قائمة على فلسفة عقلية لا يعنى أن فى الأمر استحالة عقلية بل المقصود أنهم قاسوا نتاج عقولهم ومرئياتهم الدنيوية على أمور غيبية لا تخضع لهذا القياس ، وإلا فإن كثيرا من العلماء ذكروا أدلة عقلية كثيرة على جواز الرؤية (٢).
وبعد هذا العرض الموجز أشير إلى بعض الأدلة من السنة المصرحة بالرؤية وقد ذكرت آنفا أنها من الكثرة بمكان وأشرت إلى بعض المراجع التى احتوت جزءا كبيرا منها وسأذكر هنا بعض تلك الأدلة.
روى البخارى (٣) ومسلم (٤) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : إن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل تضارون فى القمر ليلة البدر؟ قالوا : لا يا رسول الله. قال : فهل تضارون فى الشمس ليس دونها سحاب قالوا : لا يا رسول الله. قال فإنكم ترونه كذلك ... الحديث. وروى نحوه البخارى (٥) ومسلم (٦) من حديث أبى سعيد الخدرى.
وروى البخارى (٧) عن جرير قال : كنا جلوسا عند النبي صلىاللهعليهوسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون فى رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس
__________________
(١) انظر : فتح البارى ١٣ / ٤٢٦.
(٢) انظر : الإبانة للأشعرى ص : ١٦ ، وبيان تلبيس الجهمية ١ / ٣٥٧ ، ومجموع الفتاوى ٦ / ١٣٦.
(٣) فى الصحيح ١٣ / ٤١٩.
(٤) فى الصحيح ١ / ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٥) فى الصحيح ١٣ / ٤٢٠.
(٦) فى الصحيح ١ / ١٦٧.
(٧) فى الصحيح ٣ / ١٩.