مكروهاته ومصائبه الدنيوية.
الثانى : التوكل عليه فى حصول ما يحبه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والجهاد والدعوة إليه.
وبين النوعين من الفضل ما لا يحصيه إلا الله فمتى توكل عليه العبد فى النوع الثانى حق توكله كفاه النوع الأول تمام الكفاية ومن توكل عليه فى النوع الأول دون الثانى كفاه أيضا ، لكن لا يكون له عاقبة المتوكل عليه فيما يحبه ويرضاه فأعظم التوكل عليه : التوكل فى الهداية وتجريد التوحيد ومتابعة الرسول وجهاد أهل الباطل (١).
ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله (ت ١٢٣٣ ه) :
لكن التوكل على غير الله قسمان :
أحدهما : التوكل فى الأمور التى لا يقدر عليها إلا الله كالذين يتوكلون على الأموات والطواغيت فى رجاء مطالبهم من النصر والحفظ والرزق والشفاعة فهذا شرك أكبر فإن هذه الأمور ونحوها لا يقدر عليها إلا الله تبارك وتعالى.
الثانى : التوكل فى الأسباب الظاهرة العادية كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما جعله الله بيده من الرزق أو دفع الأذى ونحو ذلك فهذا نوع شرك خفى. والوكالة الجائزة هى توكل الإنسان فى فعل مقدور عليه. لكن ليس له أن يتوكل عليه وإن وكله. بل يتوكل على الله ويعتمد عليه فى تيسير ما وكله فيه كما قرره شيخ الإسلام (٢). اه
وبهذه النقول تتضح لنا صور التوكل ومتعلقاته.
والروايات المتقدمة عن الإمام أحمد تناولت جانبا من الجوانب المتعلقة بالتوكل وهو العمل والكسب وضرورة اتخاذ الأسباب وأن ذلك لا ينافى مطلقا التوكل المأمور به ، وهذا هو المفهوم الصحيح للتوكل لا كما يفهمه البعض الذين
__________________
(١) المصدر المشار إليه ص : ٨٦.
(٢) تيسير العزيز الحميد ص : ٤٩٧ ـ ٤٩٨. وانظر : مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٠ / ٢٥٧.