الأوامر كلها ... ومعلوم أننا مطالبون بالأمر لا بالقدر (١). اه
والعمل والكسب إلى جانب مشروعيته فهو أيضا مما يؤجر ويثاب عليه المسلم وذلك لما يترتب عليه من اكتفاء المسلم ومن يعول عن سؤال الناس والتطلع إلى ما فى أيديهم.
فمن ترك العمل وقعد عن البحث عن مصادر الرزق التى أحلها الله عزوجل بحجة التوكل فقد جهل معنى التوكل بل جهل جانبا من مفهوم هذا الدين العظيم ، فالعجز والتواكل والتكاسل له آثار خطيرة على الفرد والمجتمع ، فمن بعض هذه الآثار تفشى الفقر والبطالة فى المجتمع الإسلامى ، وهذا يناقض أهداف الإسلام. فترك العمل سبيل للتخلف والضعف والهوان والإسلام دين العزة والمنعة.
والمطلوب من المسلم العمل فى هذه الحياة لما يحقق له ولأسرته الاكتفاء وعدم الحاجة إلى الغير لكن لا يجعل العمل وجمع الأموال هو هدفه الرئيس في هذه الحياة فالهدف من وجوده عبادة الله عزوجل قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وإنما شرع له العمل صيانة لنفسه ولأسرته وهو فى نفسه ـ أى العمل ـ عبادة إذا كان بنية خالصة وكان الدافع الاكتفاء عن الناس والتقوى بكسبه على طاعة الله عزوجل والإنفاق والتصدق ، وهذا تفيده أحاديث صحيحة كثيرة.
وأيضا جمع المال من الطرق المشروعة لا ينافى التوكل ولا يخالفه خلافا لما يعتقده البعض من أن فى جمع المال منافاة للتوكل وأنه لا يصح التوكل إلا بالخروج والتجرد من الأموال ، وهذا قصور فى فهم التوكل ، والأحاديث الدالة على شرف المال وجواز جمعه بالطرق المشروعة كثيرة ، والله عزوجل عظّم قدر المال وأمر بحفظه ونهى عن تبذيره فقال تعالى (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) (٢) ، وقال : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ
__________________
(١) تلبيس إبليس ص : ٢٨٦.
(٢) سورة النساء / ٥.