بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١).
الثانى : أن يترك الإنسان ما يجب عليه من الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بغير عذر إلا لخوف من الناس ، فهذا محرم وهو الّذي نزلت فيه الآية : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٢). وهو الّذي جاء فى الحديث : «أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : ما منعك إذا رأيت المنكر أن لا تغيره فيقول : يا رب خشيت الناس فيقول : إياى كنت أحق أن تخشى». رواه أحمد (٣).
الثالث : خوف وعيد الله الّذي توعد به العصاة وهو الّذي قال الله فيه : (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) (٤) ... وهذا الخوف من أعلى مراتب الإيمان ونسبة الأول إليه كنسبة الإسلام إلى الإحسان وإنما يكون محمودا إذا لم يوقع فى القنوط واليأس من روح الله (٥). اه
قلت : وهذا هو ما عناه الإمام أحمد بقوله السابق ، وهذا الخوف باعث على القيام بما أمر الله تعالى به قال تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (٦).
يقول ابن القيم : ونقصان الخوف من الله إنما هو لنقصان معرفة العبد به فأعرف الناس أخشاهم لله ... وهو ينشأ من ثلاثة أمور :
أحدها : معرفة الجناية وقبحها.
والثانى : تصديق الوعيد وأن الله رتب على المعصية عقوبتها.
__________________
(١) سورة الأنعام / ٨١ ، ٨٢.
(٢) سورة آل عمران / ٥٠.
(٣) فى المسند ٣ / ٤٧ ، وابن ماجة ٢ / ١٣٢٨.
(٤) سورة إبراهيم / ١٥.
(٥) تيسير العزيز الحميد ص : ٤٨٤ ـ ٤٨٦.
(٦) سورة النحل / ٥٠.