يقول ابن القيم : والفرق بين الرغبة والرجاء أن الرجاء طمع والرغبة طلب ، فهى ثمرة الرجاء ، فإنه إذا رجا الشيء طلبه والرغبة من الرجاء كالهرب من الخوف فمن رجا شيئا طلبه ورغب فيه ومن خاف شيئا هرب منه (١). اه
روى البخارى (٢) ومسلم (٣) عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ، ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد». واللفظ لمسلم.
يقول ابن حجر فى شرح الحديث : اشتمل على الوعد والوعيد المقتضيين للرجاء والخوف ، فمن علم أن من صفات الله تعالى الرحمة لمن أراد أن يرحمه والانتقام ممن أراد أن ينتقم منه لا يأمن انتقامه من يرجو رحمته ولا ييأس من رحمته من يخاف انتقامه ، وذلك باعث على مجانبة السيئة ولو كانت صغيرة وملازمة الطاعة ولو كانت قليلة (٤). اه
قلت : فالخوف والرجاء لا بد أن يكونا فى قلب المؤمن لأن انفراد الخوف يخاف منه القنوط واليأس وانفراد الرجاء قد يؤدى إلى الجرأة على اقتراف المعاصى والآثام وترك الفرائض.
يقول الكرمانى : إن المكلف ينبغى له أن يكون بين الخوف والرجاء حتى لا يكون مفرطا فى الرجاء بحيث يصير من المرجئة القائلين لا يضر مع الإيمان شيء ، ولا فى الخوف بحيث لا يكون من الخوارج والمعتزلة القائلين بتخليد صاحب الكبيرة إذا مات من غير توبة فى النار بل يكون وسطا بينهما كما قال تعالى (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) ومن تتبع دين الإسلام وجد قواعده أصولها وفروعها كلها فى جانب الوسط (٥). اه
__________________
(١) مدارج السالكين ٢ / ٥٨.
(٢) فى الصحيح ١١ / ٣٠١.
(٣) فى الصحيح ٤ / ٢١٠٩.
(٤) فتح البارى ١١ / ٣٠٢.
(٥) المصدر السابق.