لا يمنع أن يدعو المسلم بغير ذلك وكما جاء فى الحديث : «إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» (١).
وعلى كل فالمؤمن يستعين بدنياه على آخرته ولعل توفر بعض الأمور الدنيوية للمؤمن سبب لزيادة العبادة والتوجه إلى الله عزوجل.
أما ما جاء فى رواية حنبل والحسن بن محمد السابقتين وخاصة فى رواية محمد بن الحسن فى أنه لا يدعو فى التشهد إلا بما ورد فقد أوضح ابن قدامة الخلاف عند تعليقه على كلام الخرقى السابق إذ يقول :
وجملته : إن الدعاء فى الصلاة بما وردت به الأخبار جائز. قال الأثرم : قلت لأبى عبد الله : إن هؤلاء يقولون : لا يدعو فى المكتوبة إلا بما فى القرآن ، فنفض يده كالمغضب وقال : من يقف على هذا؟ وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخلاف ما قالوا قلت لأبى عبد الله : إذا جلس فى الرابعة يدعو بعد التشهد بما شاء؟ قال : بما شاء لا أدرى ، ولكن يدعو بما يعرف وبما جاء ، فقلت : على حديث عمرو بن سعد قال : سمعت عبد الله (بن مسعود) يقول : إذا جلس أحدكم فى صلاته ـ ذكر التشهد ـ ثم ليقل : ....
وقول الخرقى : بما ذكر فى الأخبار يعنى أخبار النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه والسلف رحمة الله عليهم ، فإن أحمد ذهب إلى حديث ابن مسعود فى الدعاء وهو موقوف عليه ، وقال : يدعو بما جاء وبما يعرف ولم يقيده بما جاء عن النبي صلىاللهعليهوسلم ... وقال الشافعى : يدعو بما أحب لقوله صلىاللهعليهوسلم فى حديث ابن مسعود فى التشهد «ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه» متفق عليه (٢). ولمسلم : «ثم ليتخير من المسألة ما شاء أو ما أحب» وفى حديث أبى هريرة : إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع ثم يدعو لنفسه ما بدا له (٣) ...
(قال ابن قدامة) : فأما الدعاء بما يتقرب به إلى الله عزوجل مما ليس
__________________
(١) رواه مسلم ١ / ٣٥٠ وأبو داود ١ / ٥٤٥ وغيرهما.
(٢) صحيح البخارى (فتح البارى ٢ / ٣٢٠) وصحيح مسلم ١ / ٣٠١).
(٣) صحيح مسلم ١ / ٤١٢ وكذا عند أبى داود ١ / ٦٠١ وابن ماجة ١ / ٢٩٤ وغيرهم.