التعليق :
ترك ما أحل الله عزوجل من طعام وشراب ليس مفتاحا للآخرة ولا طريقا إلى الفوز بها بل مفتاح ذلك الإخلاص فى عبادة الله عزوجل وحده على هدى وبصيرة وفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والتقرب إليه بالنوافل وبما يحبه ويرضاه ، وترك ما أحله الله تعالى من الطيبات ليس فيه جنس عبادة أو تقرب إليه تعالى ، بل هو منهى عنه. قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (١) وقال جل وعلا : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) (٢) وقال تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٣).
يقول ابن الجوزى فى معرض حديثه عن مسالك بعض الزهاد (٤) : ومن تلبيسه عليهم : أنه يوهمهم أن الزهد ترك المباحات فمنهم من لا يزيد على خبز الشعير ، ومنهم من لا يذوق الفاكهة ، ومنهم من يقلل المطعم ويعذب نفسه ، وما هذه طريقة الرسول صلىاللهعليهوسلم ولا طريقة أصحابه وأتباعهم ، وإنما كانوا يجوعون إذا لم يجدوا شيئا فإذا وجدوا أكلوا وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأكل اللحم ويحبه ويأكل الدجاج ويحب الحلوى. اه
ويقول فى موضع آخر : ونحن لا نأمر بالشبع إنما ننهى عن جوع يضعف البدن ويؤذى البدن وإذا ضعف البدن قلت العبادة (٥).
__________________
(١) سورة المائدة / ٨٧.
(٢) سورة الأعراف / ٣١.
(٣) سورة الأعراف / ٣٢.
(٤) فى كتابه : تلبيس إبليس ص : ١٥١.
(٥) نفس المصدر ص : ٢١٦.