إلى النبع الصافى السليم إلى كتاب الله وسنة رسوله والاقتداء بهما وبما كان عليه سلف هذه الأمة.
قال ابن رجب : سماع القصائد الرقيقة المتضمنة للزهد والتخويف والتشويق (كان) كثير من أهل السلوك والعبادة يستمعون ذلك وربما أنشدوها بنوع من الألحان استجلابا لترقيق القلوب بها ثم صار منهم من يضرب مع إنشادها على جلد ونحوه بقضيب ونحوه وكانوا يسمون ذلك التغبير (١) وقد كرهه أكثر العلماء.
قال يزيد بن هارون : ما يغبر إلا فاسق ومتى كان التغبير؟ وصح عن الشافعى من رواية الحسن بن عبد العزيز الجروى (٢) ويونس بن عبد الأعلى (٣) أنه قال : تركت بالعراق شيئا يسمونه التغبير وضعته الزنادقة يصدون به الناس عن القرآن.
قال ابن رجب : إن الله تعالى أمر عباده فى كتابه وعلى لسان رسوله بجميع ما يصلح قلوب عباده ويقربها منه ونهاهم عما ينافى ذلك ويضاده ولما كانت الروح تقوى بما تسمعه من الحكمة والموعظة الحسنة وتحيا بذلك شرع الله لعباده سماع ما تقوى به قلوبهم وتتغذى وتزداد إيمانا ، فتارة يكون ذلك فرضا عليهم كسماع القرآن والذكر والموعظة يوم الجمعة فى الخطبة والصلاة وكسماع القرآن فى الصلوات الجهرية من المكتوبات ، وتارة يكون ذلك مندوبا إليه غير مفترض كمجالس الذكر المندوب إليها فهذا السماع حاد يحدو قلب المؤمن إلى الوصول إلى ربه يسوقه ويشوقه إلى قربه وقد مدح الله المؤمنين بوجود مزيد أحوالهم بهذا السماع وذم من لا يجد منه ما يجدونه فقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ
__________________
(١) ولعل الضرب على القضيب ونحوه حدث بعد زمن أحمد وقد يكون موجودا فى عصره لكن الروايات السابقة عن أحمد فى الاجتماع وما يحدث فيه من كلاء لا ضرب فيه بقضيب ولا غيره وقد نهى عنه وبدع فاعله فكيف بهذا.
(٢) ثقة ثبت. تقريب ١ / ١٦٧.
(٣) الصدفى ، ثقة. تقريب ٢ / ٣٨٥.