اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) (١) وقال : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) (٢) وقال : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) (٣) ... فهذه الآية تتضمن توبيخا وعتابا لمن سمع هذا السماع ولم يحدث له فى قلبه صلاحا ورقة وخشوعا فإن هذا الكتاب المسموع يشتمل على نهاية المطلوب وغاية ما تصلح به القلوب وتنجذب به الأرواح فيحيا بذلك القلب بعد مماته ويجتمع بعد شتاته وتزول قسوته بتدبر خطابه وسماع آياته فإن القلوب إذا أيقنت بعظمة ما سمعت واستشعرت شرف نسبة هذا القول إلى قائله أذعنت وخضعت فإذا تدبرت ما احتوى عليه من المراد ووعت اندكت من مهابة الله وجلاله وخشعت فإذا هطل عليها وابل الإيمان من سحب القرآن أخذت ما وسعت فإذا بذر فيها القرآن من حقائق العرفان وسقاه ماء الإيمان أنبتت ما زرعت ومتى فقدت القلوب غذاءها وكانت جاهلة به طلبت العوض من غيره فتغذت به فازداد سقمها بفقدها ما ينفعها والتعوض بما يضرها فإذا سقمت مالت إلى ما فيه ضررها ولم تجد طعم غذائها الّذي فيه نفعها فتعوضت عن سماع الآيات بسماع الأبيات وعن تدبر معانى التنزيل بسماع الأصوات.
قال عثمان بن عفان رضى الله عنه : لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم(٤).
__________________
(١) سورة الأنفال / ٢.
(٢) سورة الزمر / ٢٢ ، ٢٣.
(٣) سورة الحديد / ١٦.
(٤) نزهة الأسماع فى مسألة السماع ص : ٨٠ ـ ٨٣.