الغناء من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم ، وقالوا : إنما أرادوا الأشعار التى لا تتضمن ما يهيج الطباع إلى الهوى وقريب من ذلك الحداء ، وليس فى شيء من ذلك ما يحرك النفوس إلى شهواتها المحرمة.
قال ابن الجوزى : أما حديث عائشة فإنهم كانوا ينشدون الشعر وسمى ذلك غناء لنوع يثبت فى الإنشاد وترجيع ، ومثل ذلك لا يخرج الطباع عن الاعتدال وكيف يحتج بذلك الواقع فى الزمان السليم عند قلوب صافية على هذه الأصوات الواقعة فى زمان كدر عند نفوس قد تملكها الهوى ما هذا إلا مغالطة للفهم ... وإنما ينبغى للمفتى أن يزن الأحوال ... وأين الغناء بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث من غناء يذكر فيه الخد والقد (١) قال ابن رجب : ولنذكر ما ورد فى الكتاب والسنة والآثار من تحريم الغناء وآلات اللهو فأما تحريم الغناء فقد استنبط من القرآن من آيات متعددة فمن ذلك قول الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) (٢) الآية. قال ابن مسعود رضى الله عنه : هو والله الغناء (٣). وقال ابن عباس : هو الغناء وأشباهه (٤) وفسره أيضا بالغناء خلق من التابعين منهم : مجاهد وعكرمة والحسن وسعيد بن جبير وقتادة والنخعى وغيرهم (٥).
وقال مجاهد فى قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) (٦) قال : الغناء والمزامير ، وقال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) (٧) قال : هو الغناء بالحميرية (٨).
وقال بعض التابعين فى قوله تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٩)
__________________
(١) تلبيس إبليس ص : ٢٣٧ ـ ٢٣٨.
(٢) سورة لقمان / ٦.
(٣) أخرجه ابن جرير الطبرى فى تفسيره ٢١ / ٦١.
(٤) أخرجه ابن أبى حاتم وغيره ـ الدر المنثور فى التفسير بالمأثور ٥ / ١٥٩.
(٥) انظر تفسير الطبرى الرقم السابق.
(٦) سورة الإسراء / ٦٤.
(٧) سورة النجم / ٦١.
(٨) أخرجه ابن أبى حاتم وغيره. الدر المنثور ٦ / ١٣٢.
(٩) سورة الفرقان / ٧٢.