وذكر بقية الحديث وفى آخره ولا يحل بيعهن ولا شراؤهن وتعليمهن وتجارة فيهن وثمنهن حرام (١) يعنى الضاربات ، وفرج بن فضالة مختلف فيه أيضا ووثقه الإمام أحمد (٢) وغيره. وخرج الإسماعيلي وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثمن المغنية حرام وغناؤها حرام» (٣) وإسناده كلهم ثقات متفق عليهم سوى يزيد بن عبد الملك النوفلى (٤) فإنه مختلف فى أمره ، وخرج حديثه هذا محمد بن يحيى الهمذانى فى صحيحه وقال : فى النفس من يزيد بن عبد الملك مع أن ابن معين قال : ما كان به بأس ، وبوب الهمذانى هذا فى صحيحه على تحريم بيع المغنيات وشرائهن وهو من أصحاب ابن خزيمة وكان عالما بأنواع العلوم (٥) ... اه
قلت : من هنا يتضح لنا أن تحريم الغناء هو قول العلماء المعتد بهم ومن أثر عنه الترخيص فى ذلك فمراده ذلك الإنشاد المسمى بالحداء حاشاهم أن يبيحوا الغناء المشاهد اليوم المشتمل على الفجور والدعوة المبطنة للزنا والسفور وكما قيل : الغناء رقية الزنى (٦).
يقول ابن رجب : ... فتبين بهذه الروايات أن ترخص الصحابة رضى الله عنهم إنما كان فى إنشاد شعر الجاهلية وفيه من الحكم وغيرها ـ على طريقة الحداء ونحوه ـ مما لا يهيج الطباع إلى الهوى ، ولهذا كانوا يفعلونه فى مسجد المدينة ولم يكن فى شيء من ذلك غزل ولا تشبيب بالنساء ولا وصف محاسنهن ولا
__________________
(١) ذكر المؤلف فى جامع العلوم والحكم ص : ٣٠٢ أن فى إسناده مقالا.
(٢) قال ابن هانئ : سئل ـ أى أحمد ـ عن فرج بن فضالة فقال : أما ما روى عن الشاميين فصالح الحديث وما روى عن يحيى بن سعيد فمضطرب الحديث مسائل ابن هانئ ٢ / ٢١٥.
(٣) أخرجه الطبرانى فى الكبير ١ / ٢٨ وضعف إسناده ـ أعنى ابن رجب ـ انظر جامع العلوم والحكم ص : ٣٠٢.
(٤) قال ابن حجر : ضعيف. تقريب ٢ / ٣٦٨.
(٥) نزهة الأسماع ص : ٢٥ ـ ٣٣.
(٦) ذكره ابن الجوزى من قول الفضيل بن عياض. تلبيس إبليس ص : ٢٣٥.