قلت : واللعب به على شرط المال محرم باتفاق وإن لم يكن كذلك ففيه خلاف والجمهور على تحريمه والبعض يقول : مكروه (١). قال ابن القيم : وتحرير المسألة وفقهها أن الله سبحانه لما حرم الميسر هل هو لأجل ما فيه من المخاطرة المتضمنة لأكل المال بالباطل فعلى هذا إذا خلا عن العوض لم يكن حراما فلهذا طرد من طرد ذلك الأصل وقال : إذا خلا النرد أو الشطرنج عن العوض لما يكونا حراما ولكن هذا القول خلاف النص والقياس كما سنذكره ، أو حرمه لما يشتمل عليه فى نفسه من المفسدة وإن خلا من العوض فتحريمه من جنس تحريم الخمر فإنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، وأكل المال وفيه عون وذريعة إلى الإقبال عليه واشتغال النفوس به فإن الداعى حينئذ يقوى من وجهين : من جهة المغالبة ومن جهة أكل المال فيكون حراما من الوجهين وهذا المأخذ أصح نصا وقياسا وأصول الشريعة وتصرفاتها تشهد له بالاعتبار قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٢). فقرن الميسر بالأنصاب والأزلام وأخبر أن الأربعة رجس وأنها من عمل الشيطان ثم أمر باجتنابها وعلق الفلاح باجتنابها ثم نبه على وجود المفسدة المقتضية للتحريم فيها وهو ما يوقعه الشيطان بين أهلها من العداوة والبغضاء ومن الصد عن ذكر الله وعن الصلاة وكل أحد يعلم أن هذه المفاسد ناشئة من نفس العمل من مجرد أكل المال به فتعليل التحريم بأنه متضمن لأكل المال بالباطل تعليل بغير الوصف المذكور فى النص وإلغاء للوصف الّذي نبه النص عليه وأرشد إليه (٣). اه
قلت : والكلام فى الشطرنج لا يختلف كثيرا عن الكلام فى النرد. إلا أن النرد جاء فيه نص صحيح ، أما الشطرنج فغاية ما فيه أقوال أثرت عن بعض الصحابة والتابعين.
__________________
(١) انظر : المغنى لابن قدامة ٩ / ١٧٠ ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ٨ / ٣٣٧.
(٢) سورة المائدة / ٩٠ ـ ٩١.
(٣) الفروسية ص : ٦٢ ، وراجع مجموع الفتاوى لابن تيمية ٣٢ / ٢٢١ ـ ٢٤٥.