والعلماء لم يختلفوا فى أن اللعب بالشطرنج على شرط المال حرام واختلفوا إن لم يكن كذلك.
يقول النووى : وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه ليس بحرام وهو مروى عن جماعة من التابعين وقال مالك وأحمد : حرام ، قال مالك : هو شر من النرد وألهى عن الخير وقاسوه على النرد وأصحابنا يمنعون القياس ويقولون هو دونه (١). اه
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن اللعب بالشطرنج أحرام هو أم مكروه أم مباح؟ فقال : اللعب بها : منه ما هو محرم متفق على تحريمه ومنه ما هو محرم عند الجمهور ومكروه عند بعضهم وليس من اللعب بها ما هو مباح مستوى الطرفين عند أحد من أئمة المسلمين فإن اشتمل اللعب بها على العوض كان حراما بالاتفاق. قال أبو عمر بن عبد البر : أجمع العلماء على أن اللعب بها على العوض قمار لا يجوز. وكذلك لو اشتمل اللعب بها على ترك واجب أو فعل محرم : مثل أن يتضمن تأخير الصلاة عن وقتها أو ترك ما يجب فيها من أعمالها الواجبة باطنا أو ظاهرا فإنها حينئذ تكون حراما باتفاق العلماء ...
قال ابن تيمية : والمقصود أن الشطرنج متى شغل عما يجب باطنا أو ظاهرا حرام باتفاق العلماء ، وشغله عن إكمال الواجبات أوضح من أن يحتاج إلى بسط وكذلك لو شغل عن واجب من غير الصلاة : من مصلحة النفس أو الأهل أو الأمر بالمعروف أو النهى عن المنكر أو صلة الرحم أو بر الوالدين ... وقلّ عبد اشتغل بها إلا شغلته عن واجب فينبغى أن يعرف أن التحريم فى مثل هذه الصورة متفق عليه ، وكذلك إذا اشتملت على محرم أو استلزمت محرما فإنها تحرم بالاتفاق : مثل اشتمالها على الكذب واليمين الفاجرة أو الخيانة ... أو على الظلم أو الإعانة عليه فإن ذلك حرام باتفاق المسلمين ولو كان ذلك فى المسابقة والمناضلة فكيف إذا كان بالشطرنج والنرد ونحو ذلك وكذلك إذا قدر أنها مستلزمة فسادا غير ذلك : مثل اجتماع على مقدمات الفواحش أو التعاون على العدوان أو غير ذلك ومثل أن يفضى اللعب بها إلى الكثرة والظهور الّذي يشتمل معه على ترك واجب أو فعل محرم فهذه الصورة وأمثالها مما يتفق المسلمون على تحريمها فيها.
__________________
(١) مسلم بشرح النووى ١٥ / ١٥ ـ ١٦.