صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ) (١).
يقول ابن القيم : قال الزجاج : تأويل هذا : لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدم ـ فى كل شريعة نبى ـ المكان الّذي يصلى فيه ، فلو لا الدفع لهدم فى زمن موسى الكنائس التى كان يصلى فيها فى شريعته ، وفى زمن عيسى الصوامع والبيع وفى زمن محمد المساجد.
وقال الأزهرى : «أخبر الله سبحانه أنه لو لا دفعه بعض الناس عن الفساد ببعضهم لهدمت متعبدات كل فريق من أهل دينه وطاعته فى كل زمان فبدأ بذكر الصوامع والبيع لأن صلوات من تقدم من أنبياء بنى إسرائيل وأصحابهم كانت فيها قبل نزول القرآن ، وأخرت المساجد لأنها حدثت بعدهم».
وقال ابن زيد : «الصلوات صلوات أهل الإسلام تنقطع إذا دخل عليهم العدو». قال الأخفش : «وعلى هذا القول الصلوات لا تهدم ، ولكن تحل محل فعل آخر ، كأنه قال : تركت صلوات».
وقال أبو عبيدة : إنما يعنى مواضع الصلوات.
وقال الحسن : «يدفع عن مصليات أهل الذمة بالمؤمنين» وعلى هذا القول لا يحتاج إلى التقدير الّذي قدره أصحاب القول الأول ، وهذا ظاهر اللفظ ولا إشكال فيه بوجه : فإن الآية دلت على الواقع ، لم تدل على كون هذه الأمكنة ـ غير المساجد ـ محبوبة مرضية له ، لكنه أخبر أنه لو لا دفعه الناس بعضهم ببعض لهدمت هذه الأمكنة التى كانت محبوبة له قبل الإسلام وأقر منها ما أقر بعده وإن كانت مسخوطة له كما أقر أهل الذمة وإن كان يبغضهم ويمقتهم ، ويدفع عنهم بالمسلمين مع بغضه لهم. وهكذا يدفع عن مواضع متعبداتهم التى أقروا عليها شرعا وقدرا فهو يحب الدفع عنها وإن كان يبغضها كما يحب الدفع عن أربابها وإن كان يبغضهم.
__________________
(١) سورة الحج / ٤٠.