وهذا القول هو الراجح إن شاء الله تعالى (١) وهو مذهب ابن عباس فى الآية ....
والبلاد التى تفرق فيها أهل الذمة والعهد ثلاثة أقسام :
أحدها : بلاد أنشأها المسلمون فى الإسلام.
الثانى : بلاد أنشئت قبل الإسلام فافتتحها المسلمون عنوة وملكوا أرضها وساكنيها.
الثالث : بلاد أنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صلحا.
فأما القسم الأول : فهو مثل البصرة والكوفة وواسط وبغداد والقاهرة ... فهذه البلاد صافية للإمام إن أراد الإمام أن يقر أهل الذمة فيها ببذل الجزية جاز فلو أقرهم الإمام على أن يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة أو يظهروا فيها خمرا أو خنزيرا أو ناقوسا لم يجز وإن شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان العقد والشرط فاسدا ، وهو اتفاق من الأمة لا يعلم بينهم فيه نزاع (٢) ثم ذكر ـ أى ابن القيم ـ بعض الروايات المتقدمة عن أحمد وكذا بعض النصوص الدالة على هذا ثم قال : وهذا الّذي جاءت به النصوص والآثار هو مقتضى أصول الشرع وقواعده : فإن إحداث هذه الأمور إحداث شعار الكفر ....
(وأما) الأمصار التى أنشأها المشركون ومصروها ثم فتحها المسلمون عنوة وقهرا بالسيف ، فهذه لا يجوز أن يحدث فيها شيء من البيع والكنائس (٣) وأما ما كان فيها من ذلك قبل الفتح فهل يجوز إبقاؤه أو يجب هدمه فيه قولان فى مذهب أحمد ، وهما وجهان لأصحاب الشافعى وغيره :
أحدهما : يجب إزالته وتحرم تبقيته (٤) لأن البلاد قد صارت ملكا
__________________
(١) راجع : تفسير الطبرى ٧ / ١٢٦ وابن كثير ٣ / ٢٣٨ والشوكانى ٣ / ٤٥٧.
(٢) نحوه فى المغنى لابن قدامة راجع ٨ / ٥٢٦.
(٣) كذا فى المغنى لابن قدامة راجع ٨ / ٥٢٧.
(٤) المصدر السابق : ٨ / ٥٢٧.