والسنة ، أما الأول : فلأن الله سبحانه يقول : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (١) وأدنى أحوال الساب لهم أن يكون مغتابا ، وقال تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (٢) وقال تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٣) وهم صدور المؤمنين فإنهم هم المواجهون بالخطاب ، فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) حيث ذكرت ، ولم يكتسبوا ما يوجب أذاهم ، لأن الله سبحانه رضى عنهم مطلقا بقوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (٤) ، فرضى عن السابقين من غير اشتراط إحسان ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان ... وقال سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٥) ... فعلم أن الاستغفار لهم وطهارة القلب من الغل لهم أمر يحبه الله ويرضاه ويثنى على فاعله كما أنه قد أمر بذلك رسوله فى قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) (٦) وقال تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (٧) ومحبة الشيء كراهة لضده ، فيكون الله يكره السب لهم الّذي هو ضد الاستغفار والبغض لهم الّذي هو ضد الطهارة ، وهذا معنى قول عائشة رضى الله عنها : «أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم». رواه مسلم (٨).
__________________
(١) سورة الحجرات / ١٢.
(٢) سورة الهمزة / ١.
(٣) سورة الأحزاب / ٥٨.
(٤) سورة التوبة / ١٠٠.
(٥) سورة الحشر / ١٠.
(٦) سورة محمد / ١٩.
(٧) سورة آل عمران / ١١٩.
(٨) ٤ / ٢٣١٧.