بَيْنَهُمْ) إلى قوله تعالى : (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) (١) فلا بد أن يغيظ بهم الكفار ، وإذا كان الكفار يغاظون بهم ، فمن غيظ بهم فقد شارك الكفار فيما أذلهم الله به وأخزاهم وكبتهم على كفرهم ، ولا يشارك الكفار فى غيظهم الّذي كبتوا به جزاء لكفرهم ، لأن المؤمن لا يكبت جزاء للكفر ، بوضح ذلك أن قوله تعالى : (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) تعليق للحكم بوصف مشتق مناسب ، لأن الكفر مناسب لأن يغاظ صاحبه فإذا كان هو الموجب لأن يغيظ الله صاحبه بأصحاب محمد ، فمن غاظه الله بأصحاب محمد فقد وجد فى حقه موجب ذاك وهو الكفر.
قال عبد الله بن إدريس الأودى الإمام (٢) : ما آمن أن يكونوا قد ضارعوا ـ يعنى الرافضة ـ لأن الله تعالى يقول : (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) ، وهذا معنى قول الإمام أحمد : ما أراه على الإسلام ...
قال شيخ الإسلام : فصل فى تفصيل القول فيهم :
أما من اقترن بسبه دعوى أن عليا إله ، أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل فى الرسالة ، فهذا لا شك فى كفره ، بل لا شك فى كفر من توقف فى تكفيره.
وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك وهؤلاء يسمون القرامطة والباطنية ، ومنهم التناسخية ، وهؤلاء لا خلاف فى كفرهم.
وأما من سبهم سبا لا يقدح فى عدالتهم ولا فى دينهم ـ مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن ، أو قلة العلم ، أو عدم الزهد ، ونحو ذلك ـ فهذا هو الّذي يستحق التأديب والتعزير ، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم.
وأما من لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم ، لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.
__________________
(١) سورة الفتح / ٢٩.
(٢) ثقة فقيه عابد. توفى سنة ١٩٢ ه. تقريب ١ / ٤٠١.